تفاصيل المواجهة بين الكونفدرالية والحكومة على خلفية الاضراب الوطني ليوم الأربعاء 20 فبراير 2019

تفاصيل المواجهة بين الكونفدرالية والحكومة على خلفية الاضراب الوطني ليوم الأربعاء 20 فبراير 2019 مشهد من وقفة احتجاجية سابقة للكونفدرالية الديمقراطية
 

"ومعها، بدأت شرارة التوتر تلقي بظلالها على مآلات الحوار الاجتماعي بين النقابات من جهة، والحكومة وأرباب العمل، من جهة ثانية، تعيد معها مضامين خطابها السياسي والاجتماعي والاقتصادي المأزوم، والمحدد الخيارات والتوجهات من قبل المؤسسات المالية الدولية، والرأسمال المغربي التابع، (تعيد) جليا إلى الأذهان، سياسة الشد والجذب التي طبعت العلاقة بين الفاعلين الاجتماعين، وحكومة بنكيران، التي أدخلت المغرب، اجتماعيا، حراكا امتدت  خيوط تداعيته لتضرب في زمن ولحظة تاريخية غير مسبوقة، مدن الهامش المجالي، وتتسع دائرته على وقع الغضب الشعبي، لتشمل بجرعة غضب إضافية، القطاعات الفئوية"

نقطة نظام في باب التوتر بين الكونفدرالية والحكومة

أشعلت فتيلها، جلسة اللقاء الثلاثي الأطراف التي انعقدت بملحقة رئاسة الحكومة بالرباط يوم 9 أكتوبر2017، حين أعرب سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، عن عدم استعداده للاستجابة لطلب عبد القادر الزاير، الذي ترأس وفد المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، خلال هذه الجلسة، تحديد سقف زمني محدد للتفاوض في إطار اللجنة الوطنية العليا، لمدارسة كل القضايا المطلبية على قاعدة المطالب العشر، التي تشكل نقاطها موضوع اتفاق بين كل مكونات الحركة النقابية المغربية.

في 21 دجنبر 2017، وجّه نائب الكاتب العام للكونفدرالية عبد القادر الزاير، رسالة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، يذكره فيها بمراسلات المركزية النقابية حول موضوع فتح تفاوض جماعي ثلاثي الأطراف،(6 شتنبر 2017، ويوم 6 أكتوبر 2017).

الزاير، ذكَّر العثماني، وللمرة الثالثة، بضرورة استئناف التفاوض الجماعي ثلاثي الأطراف (الحكومة ـ النقابات ـ أرباب العمل)، للتداول في كل القضايا التي تهم عالم الشغل، والملف المطلبي للشغيلة المغربية، الذي سبق أن أوقفه (رئيس الحكومة) في اجتماع 9 أكتوبر 2017، ووعد باستئنافه في أقرب الآجال.

لقاء "أقرب الآجال"

يوم 21 دجنبر 2017، وجه محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني رسالة إلى الكتاب العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد الوطني للشغل) يدعوهم فيها بناء يقول يتيم، في رسالته، على تعليمات رئيس الحكومة، وبتكليف منه، حضور اجتماع تشاوري يوم الثلاثاء 26 دجنبر 2017 على الساعة الخامسة مساء بمقر وزارة الشغل والإدماج المهني.

وحسب نص الرسالة، فإن موضوع اللقاء بين وزير الشغل، والفرقاء الاجتماعيين، حدّد يتيم، عنوانه في "تدبير أشغال جولة الحوار الاجتماعي التي انطلقت يوم 9 أكتوبر 2017"، ويروم من خلالها كما يقول، الإعداد الجيد لهذه الجولة، وتوفير يضيف، شروط نجاحها، وصياغة مشروع يتناول منهجية الحوار والقضايا التي ستشكل جدول أعماله وبرمجتها الزمنية.

الكونفدرالية تقاطع دعوة يتيم، وترد ..

ومعها، بدأت شرارة التوتر تلقي بظلالها على مآلات الحوار الاجتماعي بين النقابات من جهة، والحكومة وأرباب العمل، من جهة ثانية، تعيد معها مضامين خطابها السياسي والاجتماعي والاقتصادي المأزوم، والمحدد الخيارات والتوجهات من قبل المؤسسات المالية الدولية، والرأسمال المغربي التابع، (تعيد) جليا إلى الأذهان، سياسة الشد والجذب التي طبعت العلاقة بين الفاعلين الاجتماعين،وحكومة بنكيران، التي أدخلت المغرب، اجتماعيا، حراكا امتدت خيوط تداعيته لتضرب في زمن ولحظة تاريخية غير مسبوقة، مدن الهامش المجالي، وتتسع دائرته على وقع الغضب الشعبي، لتشمل بجرعة غضب إضافية، القطاعات الفئوية، وتستوطن معها لزمن غير يسير، شوارع وساحات المدن الكبرى، وتتطور صيغ التعبير الاحتجاجي لتأخذ طابعا تصعيديا وتصاعديا وجريئا في دفتر المطالب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية لدى المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، المسنودة سياسيا من قبل فيدرالية أحزاب اليسار الديمقراطي، وحزب النهج الديمقراطي، والمدعومة أمميا بكبرى النقابات الدولية والإقليمية.

لعل هذا ما يتبين بجلاء، من رسالة المكتب التنفيذي الجوابية لدعوة وزير الشغل بتاريخ 26 دجنبر 2017، النقابات الأكثر تمثيلية لعقد لقاء تشاوري في التاريخ ذاته، ارتأت قيادة المركزية النقابية من جانبها، أن يتم تسليمها من قبل وفد عن المكتب التنفيذي للوزير محمد يتيم، بمقر الوزارة. مضمون الرسالة "مقاطعة" اللقاء التشاوري. الوزير، أصيب حينها بخيبة كبيرة، طأطأ رأسه وعاد أدراجه، مدركا في قرارة نفسه أن لا جدوى من عقد اللقاء، أمام غياب أكبر قوة نقابية معارضة بامتدادها التاريخي وبيئتها الاجتماعية والعمالية الحاضنة.

المكتب التنفيذي كما جاء في الرسالة التي تحمل توقيع عبد القادر الزاير، الذي كانوقتئذ الرجل الثاني في المركزية، أرجع أولا، وبصيغة التأكيد، عدم حضور الكونفدرالية الاجتماع، إلى أن الحوار الاجتماعي كما ورد كمصطلح في دعوة وزير الشغل، لم ينطلق بصيغته المتعارف عليها في منظمة العمل الدولي، وكما أفرزته التجارب مع حكومات عبد الرحمن اليوسفي، وإدريس جطو، وعباس الفاسي، حتى يتسنى تقول رسالة الزاير، "متابعته من قبل الأطراف الاجتماعية والاقتصادية المعنية".

ثانيا، إلى كون منهجية تدبير الحوار الاجتماعي، التي حدّد المكتب التنفيذي مداخلها الرئيسة في عقد اجتماع متواصل بين الأطراف الثلاثة للحوار الاجتماعي، في مدة مضبوطة ومعقولة وفي زمن محدد، غير متوفرة لدى الحكومة، وهو ما يعني في إشارة ضمنية من الـ "سي دي تي"، للقاءات السابقة التي عقدتها الحركة النقابية المغربيةخلال مرحلة التنسيق النقابي المركزي، (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد المغربي للشغل، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النقابة الوطنية للتعليم العالي) مع حكومة بنكيران، أن تجارب الاشتغال (الحوار) عبر اللجن، أبانت تقول رسالة الزاير، "عن الفشل"، مبرزة في الآن ذاته، وبلغة تذهب في اتجاه انهاء الجدل الدائر بشأن منهجية العمل بأسلوب اللجن، أن مراسلة الوزير يتيم، "لا تعبر عن الإرادة السياسية لفتح حوار اجتماعي حقيقي يفضي إلى نتائج".

وتبدأ رحلة ألف ميل في باب الحراك الاجتماعي بصيغة المفرد النقابي

ووصل التنسيق النقابي، نقطة اللاعودة، وكانت،بمثابة القشة التي كسرت ظهر البعير، بعد دخول حلفاء الكونفدرالية، في تعارض مطلق مع المواقف المتوافق بشأنها حول مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد، مناقشة هذه المشاريع، في إطار لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، التي قاطعت أشغالها مجموعة الكونفدرالية بالمجلس، بل ذهب أعضاء المجموعة وعلى خلاف كل التقديرات، بموقفها في هذا الخصوص، وبتوجيه من المكتب التنفيذي، إلى مقاطعة التصويت على المشاريع في الجلسة العامة لمجلس المستشارين المنعقدة يوم الثلاثاء 28 يونيو 2016، وهو الموقف الذي لم تتبناه باقي الهيئات النقابية الحليفة على عهد التنسيق النقابي المركزي.

تداعيات الخلاف بين مكونات الحركة النقابية، وغياب الإرادة السياسية للحكومة في التعاطي الايجابي مع المطالب الاجتماعية لعموم الأجراء والموظفين، كما تقدمت به النقابات إلى رئيس الحكومة، خلال اللقاءات التي عقدها مع قياداتها (24 أبريل ـ 9 أكتوبر ـ 16 أكتوبر ـ 20 شتنبر 2017،5 مارس ـ 10 أكتوبر ـ 14 أكتوبر ـ 2 نونبر 2018) كانت وحدها كفيلة كما يبدو، وبالنظر إلى سياقاتها السياسية والاجتماعية إلى جعل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن  تدخل على خط المواجهة المباشرة مع حكومة العثماني، من أجل مأسسة الحوار الاجتماعي، وقراراتها الانفرادية فيما يخص الملفات الاجتماعية الكبرى، ومخططاتها الرامية إلى تبخيس العمل النقابي، وتعنتها في تحسين الدخل والتعويضات ومعاش التقاعد، وتنفيذ الالتزامات السابقة، وضرب القدرة الشرائية، والتضييق على الحريات النقابية، والمتابعة القضائية في حق المسؤولين النقابيين، ومسلسل الطرد والتسريح الجماعي للعاملات والعمال، وإدماج كل الذين فرض عليهم التعاقد في النظام الأساسي للوظيفة العمومية ...

وكانت القرارات النضالية للمركزية النقابية

تنظيم مسيرات احتجاجية بواسطة السيارات إلى مدن:

ـ أكادير يوم 31 دجنبر 2016،

ـ المحمدية يوم 14 أكتوبر 2017،

ـ الرباط يوم 10 دجنبر 2017،

ـ طنجة يوم 11 يناير 2019،

وإقليمية بالشموع وأخرى:

ـ 20 يونيو 2017،

ـ 20 يونيو 2018.

بالموازاة مع ذلك، خاضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى جانب عدد من الإضرابات الانذارية للنقابات الوطنية، إضرابا عاما وطنيا يوم 20 يونيو 2018، وتستعد اليوم، لخوض إضراب وطني في قطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، وينخرط عمال القطاع الخاص في حركته بحمل الشارة الصفراء، يوم الأربعاء 20 فبراير 2019، وتتهيأ في السياق ذاته، قواعدها بقرار من المكتب التنفيذي، تنظيم مسيرات احتجاجية إقليمية يوم الأحد 24 فبراير من هذه السنة.

ملحوظة: استندنا في إعداد هذه الورقة على بيانات وبلاغات المركزيات النقابية، وتقارير رئاسة الحكومة ووزارة الشغل والإدماج المهني.