مجلس بوعياش لحقوق الانسان  و فزاعة "الأسلمة" والارتداد

مجلس بوعياش لحقوق الانسان  و فزاعة "الأسلمة" والارتداد مولاي أحمد الدريدي
تداولت بعض المواقع أخبارا غير مؤكدة بان رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الاستاذة امينة بوعياش "تخوض حرباً واسعة على إرث سلفها ‘ادريس اليازمي’ و ذلك بهدف محاولة القضاء على هذا الإرث."
و قد تم حشر عبد الرزاق الحنوشي، رئيس ديوان الأستاذ اليزمي في الخبر، كما تم الحديث عن ما اسماه هذا الموقع  الذي "تخصص" في الهجوم على كل فعل سياسي حداثي؛ - تهميش -  المناضل الكبير الأستاذ محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المعين الى حدود الساعة بظهير..
ماهو الإرث الذي يحاولون هؤلاء نسب التراجع عنه و استئصاله إلى الأستاذة امينة بوعياش  ؟.
بشهادة كل الحقوقيين الدوليين والمغاربة، فان سبع سنوات السابقة لعمل الفريق الأول في تدبيرالمجلس الوطني لحقوق الإنسان سواء اطرا سياسية (اي أعضاء المجلس) أوأطرا إدارية كانت إيجابية وموضوعية ومهنية و تتماشى مع مبادئ وقيم حقوق الانسان الكونية والشمولية والغير القابلة للتجزيء. وإن من كانوا في موقع الهجوم على المجلس في اغلبهم كانوا من أعداء المقاربات الكونية لحقوق الإنسان.
وهذا ما جسده أعضاء حكومة بن كيران والعثماني المنتمين لحزب الاسلام السياسي في محاولاتهم شيطنة آراء المجلس.
فهل هؤلاء يريدون إلصاق توصيفة الانتصار للخصوصية للاستاذة بوعياش أم هي فقط محاولات ابتزاز لها حتى تقوم بإسناد مهام معينة لبعض أطر الإسلام السياسي في طواقم فريق عملها،  مثل ما يروج عن التحاق أحد الاشخاص الذي كان يشغل مهاما في المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، والذي قام في أول فرصة أتيحت له مع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان بجنيف، حيث قام بوضع المغرب هو والوزير الرميد في مصاف الدول المعادية لحقوق المرأة والحقوق الفردية وكذلك المعاداة للنشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان..
ما وصل له المجلس الوطني لحقوق الإنسان من نتائج على نسبية ايجابياتها ؛ تبقى إرثا ايجابيا وطنيا patrimoine national positif.  يجب تحصينه والمرورالى مستوى آخر من النهوض بحقوق الإنسان وخاصة ما أنيط به في مجال  آلية الوقاية من التعذيب وكذا آليات؛ حماية حقوق الطفل والأشخاص في وضعية الحاجيات الخاصة. 
إننا من خلال هذه المقالة هو التأكيد على مسلمتين بديهيتين: الأولى هي  أن المرحلة السابقة للمجلس على عهد الثنائي اليازامي/ الصبار؛ رغم ما يمكن توجيهه إليها من مؤاخذات، فانه لا يمكن تبخيس المجهودات التي قامت بها لتصحيح الاختلالات التي يمكن نسبها إلى النظام الأساسي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في طبعتيه  السابقتين.
إن الفضل كذلك يعود إلى السياق السياسي والبيئة الحقوقية التي ساعدت على تمكين التجربة الجديدة لما بعد تظاهرات حركة 20  فبراير 2011، بدءا بخطاب الملك في 9 مارس 2011 وما تلاه من مقتضيات دستورية وتشريعية، سهلت مأمورية ترسيخ مبادئ باريس المؤطرة لاشتغال وصلاحيات المؤسسات الوطنية، مما يستدعي سؤال اليقظة والحيطة من اي ارتكاسة في هذا الاتجاه، خاصة وان الآليات   المستحدثة؛  في ظل القانون الجديد المنظم للمجلس الوطني لحقوق الانسان؛ تؤسس لعديد من مؤشرات القطع مع ماضي الانتهاكات الحسيمة لحقوق الانسان، وعلى سبيل المثال آلية الوقاية من التعذيب، ستكون بمثابة العلامة الفارقة، إن كتب لها التحقق والنجاح ؛ كقيمة مضافة  في سياق تجويد الحماية بالفعل الحقوقي، وكمدخل أساسي ودعامة لكل ما يرتبط بمطالب الكونية وسمو القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان، وما يستتبعه من نجاعة الملاءمة  الدستورية والتشريعة مع هذا المبدأ ( السمو ) .
ولعل هذا هو الهدف من كل التشويش الذي تحاط به عملية تجديد هياكل المجلس الوطني لحقوق الانسان وفق صيغته القانونية والتنظيمية الجديدة؛ من هنا فالبديهية الثانية، والتي لا مناص من ضرورة استحضارها  أن الحكومة الحالية وقبلها السابقة، تركوا كل ما هو حقوقي وكل ما هو مهيكل لدولة القانون من اجل الحقوق في ذيل المخطط التشريعي، وعلى الخصوص كل ما يتعلق بمنظومة العدالة، واكتساب القضاء لسلطته الدستورية في استقلالية تامة عن السلطة  التنفيذية على الخصوص . 
من هنا علينا استحضار كذلك عملية التشويش على فتوة " استقلالية القضاء "، هذه الاستقلالية التي تتدرج في سيرورة التراكم والنشوء.
يجب الحذر فان أعداء حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم وزراء الإسلام السياسي و من يدورون في فلكهم ، يتربصون بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي في صيغته الحالية باعتباره مؤسسة دستورية مصنفة وفق مبادئ باريس في أعلى تصنيف A. 
أظن انه لن تقبل الأستاذة بوعياش أن يحسب عليها أي تفريط أو تراجع عن هذا المستوى، بل الأكثر من ذلك فمن موقعها كامرأة من المدرسة الحقوقية الاتحادية سيكون من واجبها رص الصفوف للمدافعين والمدافعات عن حقوق الانسان وفق مقارابات مبنية على الكونية لحقوق الإنسان.
ولا ننسى كذلك الابتكار في التعاطي مع إشكالات حقوق الإنسان المتعلقة بالماضي والأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، و الحرص على الجودة في الخطاب والخدمات المقدمة من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان. لقد بات مطلوب أن تحرص الرؤية أساسا على تأمين هذه الجودة.