عبد الإله حفظي: ألم يحن الوقت لإعمال الحد الأدنى للأجر الجهوي؟

عبد الإله حفظي: ألم يحن الوقت لإعمال الحد الأدنى للأجر الجهوي؟ عبد الإله حفظي
“لا يمكن الخوض في ثنايا موضوع "التدابير الجمركية والضريبة وأثرها على قطاع التجارة" دون استحضار الاضطرابات التي شهدها النشاط الاقتصادي مؤخرا، إن على مستوى التجارة أو على مستوى التوزيع، بسبب سوء الفهم والتأويلات الخاطئة للإجراءات التي صاحبت تنزيل نظام التعريف الموحد للمقاولة والفوترة الإلكترونية، وهي مقتضيات تهم فقط المهنيين الذين يخضعون لنظام المحاسبة ولا تهم بتاتا التجار ومقدمي الخدمات الذيم يخضعون للنظام الجزافي".
ذلك ما جاء في مستهل مداخلة المستشار عبد الإله حفظي، ممثل فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين، في الجلسة الشهرية الأخيرة، الخاصة بمساءلة رئيس الحكومة حول موضوع :"التدابير الجمركية والضريبة وأثرها على قطاع التجارة".
وأوضح حفظي أنه حتى بالنسبة للفئة الخاضعة لنظام المحاسبة، فإن الأحكام الجديدة الخاصة بالبرنامج المعلوماتي للفوترة لم تدخل بعد حيز التنفيذ وتطبيقها مرهون بالنص التنظيمي، وهي مقتضيات تضمنها القانون المالي لسنة 2018، وقد اقترحنا فترة انتقالية من أجل إعطاء مهلة من الوقت لتمكين جميع المقاولات على كافة التراب الوطني من استكمال ترتيباتها فيما يخص المعلوميات والوسائل الرقمية للرفع من جاهزيتها، وهو ما استجابت له الحكومة من خلال تأجيل هذه الإجراءات لسنة واحدة.
إلا أن ضعف التواصل مع المهنيين وغياب الجانب البيداغوجي في شرح هذه الإجراءات، أفرز سوء فهم استغله بارونات التملص الضريبي والقطاع غير المهيكل لتجييش التجار الصغار ودفعهم للاحتجاج عن حسن نية.
وهي مسؤولة مشتركة يتحملها الجميع، حكومة وإدارة ومؤسسات للوساطة، وفي هذا الإطار، نثمن المرونة التي أبانت عنها إذارتي الضرائب والجمارك في تعاملها مع مطالب ممثلي المهنيين حول هذا الموضوع
واستطرد حفظي قائلا:”انطلاقا من قناعتنا بأن الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة والنتائج السلبية للتهريب تهدد استمرارية المقاولات وتنافسية الاقتصاد الوطني، وأن تفعيل العمل بنظام التعريف الموحد للمقاولة يكتسي أهمية كبرى فيما يتعلق بتحديث الاقتصاد وترسيخ مبدأ الشفافية والوضوح والذي طالما نادينا به منذ سنة 2011، هوالهاجس الذي جعلنا نساند هذا الإصلاح.
أن الضغط الجبائي على المقاولات بالمغرب وصل إلى مستويات جد مرتفعة مقارنة مع باقي دول حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)”.
إن ارتفاع الضغط الجبائي وباقي التحملات المفروضة بصفة عامة على المقاولات، حسب حفظي، يدفعها للانزلاق نحو القطاع غير المنظم في صراع من أجل البقاء، وهنا نثير انتباه الحكومة إلى استفحال ظاهرة القطاع غير المنظم، ونحن لا نقصد القطاع غير المنظم المعيشي الذي من الواجب علينا جميعا مساعدة فاعليه لتنظيمهم وصون كرامتهم وتمكينهم من الحد الأدنى من الحماية الاجتماعية، وإنما نحن نتكلم عن مافيا التهريب، وعن الذين يحققون أرباحا طائلة وأرقام معاملات بالملايير من الدراهم، بعيدا عن قواعد المنافسة وفي تملص فاش من أداء الالتزامات الضريبية والاجتماعية،في وقت، تساهم فيه 2 في المائة من المقاولات بحوالي 80 في المائة من عائدات الضرائب على الشركات، وهو شيء لا يستقيم، مما يسائلنا جميعا عن النموذج التنموي الذي نصبو إليه جميعا والذي يتطلب من الحكومة نوعا من الوضوح أمام خيارين: فهل سنتبنى الخيار السياسي أم الخيار الاقتصادي؟
إن ما نستشفه من الموقف الحكومي الحالي، يؤكد حفظي، هو تغليبها كفة الخيار السياسي على حساب الخيار الاقتصادي من خلال التراجع عن تعزيز مناخ الشفافية والوضوح في ميدان الأعمال من خلال تعليق إجراءات التعريف الموحد للمقاولة، وهي رسالة مشفرة للفاعل الاستثماري تتعارض مع ما نسعى إليه لجعل المغرب وجهة جذابة للاستثمار.
هذا، في وقت أصبح فيه ارتفاع الضغط الجبائي عامل أساسي في تقليص نسبة المقاولة المواطنة، مما يهدد بانتكاسة اقتصادية حقيقية، ويبقى الحل الأمثل هو توسيع الوعاء الضريبي من خلال دمج القطاع غير المنظم في المنظومة الجبائية عبر التحفيز والبيدجاغوجية والصرامة في تطبيق القانون، ونحن متفقون مع ممثلي الأجراء على أن احتواء القطاع غير المنظم الذي يشغل حوالي 9 ملايين من الأجراء، يشكل تحدي حقيقي للنموذج التنموي الذي نسعى إليه جميعا، وهنا نستحضر مخرجات المناظرة الوطنية الأولى حول الحماية الاجتماعية، التي شخصت هذه الآفة.
وفي هذا الصدد، يتساءل حفظي: ألم يحن الوقت بعد لإعمال انعطاف لتغيير المفاهيم والمقاربات في مجال تحسين القدرة الشرائية والتي يشكل رفع الأدنى للأجر إحدى رافعاتها؟ فنحن مع تكريس مقاربة "المفاوضات الجماعية" وإعادة النظر في البراديغم الذي ساد مخرجات الحوار الاجتماعي منذ عقود، ونحن كذلك مع إعمال الحد الأدنى القطاعي للأجور، فهناك قطاعات لن تستتطيع تحمل المزيد من التحملات الاجتماعية، كقطاع النسيج والألبسة، بسبب المنافسة الدولية القوية، ففي الوقت الذي يصل فيه الحد الأدنى للأجور بالمغرب إلى 2570 درهم، فإنه لا يتجاوز سقف:
405 درهم في الهند.
800 درهم بالبنغلاديش.
844 درهم في موريتانيا.
1193 درهم بمصر.
1505 درهم بتونس.
1762 درهم بالجزائر.
المكسيك 1266 درهم.
البرازيل 2331 درهم.
بلغاريا 2552 درهم.
وفي إطار استكمال تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، يتساءل عبد الإله حفظي:
ألم يحن الوقت بعد لإعمال الحد الأدنى للأجر الجهوي؟ مما سيمكن من توجيه الاستثمار نحو بعض المناطق التي تعرف عزوفا استثماريا بسبب بعدها الجغرافي او لعوامل تتصل بمناخ الاعمال.