قضية الخليل أحمد المختفي في الجزائر تأخذ أبعادا قبلية اجتماعية خطيرة

قضية الخليل أحمد المختفي في الجزائر تأخذ أبعادا قبلية اجتماعية خطيرة
تتزايد الاصوات المنددة داخل مخيمات تيندوف باختفاء القيادي والإطار الأمني السابق في جبهة البوليساريو الانفصالية الخليل أحمد الذي لا يزال مصيره مجهولا منذ قرابة العشر سنوات، حيث شهد مخيم الرابوني بتيندوف جنوب غربي الجزائر صباح اليوم الاثنين مظاهرة احتجاجية حاشدة للمطالبة بالكشف عن مصيره.
وأفادت مصادر من داخل مخيمات تيندوف بأن الموكب الاحتجاجي الذي نظمه شباب قبيلة الركيبات السواعد، قد انطلق من نقطة المراقبة العسكرية بمدخل مخيم الرابوني، ليمر من الطريق المحاذي لمقر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بمخيمات تيندوف، وصولا الى مركز مخيم الرابوني بجانب مقر ما يسمى بالكتابة العامة للبوليساريو الذي يحتضن مكتب زعيم الجبهة الانفصالية براهيم غالي، حيث نصب المتظاهرين خيمة احتجاجية بهدف الدخول في اعصام مفتوح حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة في الكشف عن مصير المختفي الخليل أحمد، ومحاسبة المتورطين في اختطافه. 
وندد المشاركون في المظاهرة التي توصلت "أنفاس بريس" بصور وفيديوهات لها، نددوا بتقاعس قيادة الجبهة الانفاصلية عن التعاطي بشكل جاد مع قضية المختفي الخليل أحمد، كما وجهوا اتهامات لقيادة البوليساريو بالمشاركة الى جانب المخابرات الجزائرية في جريمة اخفاء الخليل أحمد والتخلص. 
وكانت مخيمات تيندوف قد شهدت في الأشهر الأخيرة حراكا احتجاجيا ذو طابع قبلي يخوضه شباب قبيلة السواعد، وهو المكون القبلي الذي ينتمي إليه القيادي والإطار الأمني السابق في الجبهة الخليل أحمد، مؤازرين بأفراد من مكونات اجتماعية أخرى. 
ونظم المتضامنون مع قضية الخليل أحمد العديد من الأشكال الاحتجاجية من قبيل الوقفات التنديدية وتدشين حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن تنظيم تجمعات لقبيلة الركيبات السواعد لتدارس مستجدات الملف، حيث رشح عن تلك الحراكات تشكيل لجنة حوار تم تكليفها بمقابلة قيادات الجبهة الانفصالية، ليتم استقبال أعضاء اللجنة من طرف زعيم الجبهة الانفصالية براهيم غالي مؤخرا، ولكن دون أن يقدم أي معطيات بخصوص مصير المختفي الخليل أحمد، متذرعا بعدم توصله لأي معلومات حول الموضوع. 
وتعرض الخليل أحمد للإختطاف منذ سنة 2009 من طرف المخابرات الجزائرية أثناء تواجده في الجزائر في مهمة رسمية، حيث كان يشغل منصب "مستشار مكلف بحقوق الانسان" في الجبهة، لكن العديد من المتضامنين معه يرون أن تكليفه بنقل أنشطته من مخيم الرابوني بتيندوف الى الجزائر العاصمة جاء وفق خطة أعدتها قيادات في الجبهة الانفصالية بالتعاون مع المخابرات الجزائرية للتخلص منه بعيدا عن مخيمات تيندوف.
ويهدد المتضامنون مع قضية الخليل أحمد بالدخول في خطوات تصعيدية جديدة في حال تقاعست قيادة الجبهة الانفصالية عن الكشف عن مصير المختفي الخليل وملابسات اختطافه وإخفاءه قسريا طيلة العشر سنوات، كما يطالبون بتسلم رفاته وتمكينهم من حقهم في دفن ابنهم وفق الشريعة الإسلامية أو معرفة مكان تواجد قبره في حال صحت الشائعات التي تفيد بمقتله أثناء فترة اخفاءه قسريا من طرف المخابرات الجزائرية. 
ويتهم ذوو المختفي الخليل أحمد قيادة البوليساريو إلى جانب المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء اختطافه وإخفاءه قسريا، حيث تذهب بعض التحليلات إلى كون القيادات الانفصالية المتورطة في ملفات انتهاكات حقوق الانسان تتخوف من امكانية إقدام الخليل أحمد على كشف ما يؤكد إدانتها في تلك الانتهاكات، خاصة وأن الخليل أحمد سبق وأن تعرض للاعتقال سنة 1993 بتهمة سرقة وإخفاء أرشيف مديرية الأمن بالجبهة، ليتم اطلاق سراحه بعد مدة وجيزة بعد تدخل قيادات من أبناء عمومته.
وتروج شائعات - يجهل من يقف وراءها- في الآونة الأخيرة داخل مخيمات تيندوف تفيد بوفاة الخليل أحمد أثناء اعتقاله، فيما يتهم متضامنون معه المخابرات الجزائرية بتصفيته نزولا عند رغبة بعض قيادات جبهة البوليساريو الانفصالية المتورطة في ملفات انتهاكات حقوق الانسان المرتكبة في فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي عمل فيه المختفي الخليل أحمد كإطار في الجهاز الأمني التابع للجبهة الانفصالية.
ويوصف المختفي الخليل أحمد بأنه الصندوق الأسود للجهاز الأمني للجبهة الانفصالية، خاصة وأنه سبق أن اتهم بالاستيلاء على جزء هام من أرشيف الوثائق التابعة لإدارة الأمن بالجبهة.
يشار إلى أن التظاهرات المنددة باختفاء القيادي والإطار الأمني السابق في الجبهة الانفصالية الخليل أحمد، تأتي في وقت تشهد فيه مخيمات تيندوف احتقانا وسياسيا اجتماعيا متصاعدا، خاصة بعد فشل قيادة البوليساريو في تحقيق اي انجاز سياسي يذكر بعد اقدام ابراهيم غالي على مجموعة من الخطوات التصعيدية، كان أبرزها أزمة الكركرات التي افتعلها مباشرة تسلمته لزمام الأمور في الرابوني، لكن فشله المتراكم في تدبير الأزمات التي تشهدها الجبهة أفضى إلى حدوث صدمة داخل أوساط المخيمات، لا سيما الشباب الذي باتو يعبرون عن سخطهم وامتعاضهم من بقاء الوضع السياسي لملف الصحراء على ما هو عليه، فضلا عن تأزم أوضاعهم المعيشية.