"لوموند": "الكسكس" قادر على تعزيز المصالحة بين بلدان المغرب العربي

"لوموند": "الكسكس" قادر على تعزيز المصالحة بين بلدان المغرب العربي طبق الكسكس يعد من بين الأطباق المفضلة لدى الفرنسيين
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن احتمال تضمين طبق الكسكس، الذي يعد من بين الأطباق المفضلة لدى الفرنسيين، في التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، ومن المحتمل أن تساهم هذه الخطوة في توحيد شعوب منطقة المغرب العربي باعتباره طبقا مشتركا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن طبق الكسكس كان سببا في نشوب نزاع بين دول المغرب العربي. ففي سنة 2016، أعلنت الجزائر عن رغبتها في إدراج هذا الطبق ضمن التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، ما أثار استياء الدول المجاورة. وقد اجتمع خبراء من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا بغية التوصل إلى حل يتمثل في تقديم ملف مشترك من أجل تصنيف هذا الطبق الذي يوحد بين شعوب المنطقة. وفي الواقع، يعكس الجدال واسع النطاق والنقاشات الساخنة التي انجرت عن هذه القضية أهمية طبق الكسكس.
ونقلت الصحيفة عن الطاهي بفندق "الانتركونتيننتال" بمدينة مارسيليا الفرنسية، ليونيل ليفي، أن الكسكسي "طبق لا يشبه أي طبق آخر". وأضاف الشيف الذي ولد من أب مغربي: "أعتقد أنه في جزء كبير من الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، يرمز الكسكسي إلى أشياء عميقة جدا، على غرار ذكريات الطفولة وطبخات الأم أو الجدة، بالإضافة إلى انتماء الشخص". 
وذكرت الصحيفة وصفة الكسكسي المطبوخ مع الدجاج والقرفة ومدقوق السكر، وتؤكد المؤرخة لوسي بولان أن أصول هذه الأكلة تعود إلى عهد الملك البربري ماسينيسا. وقد أفاد المؤرخ والشيف إيمانويل بيرودان بأن تاريخ هذا الطبق يرتبط بحركات هجرة الجزائريين إلى فرنسا في فترة الخمسينات.
وسلطت الصحيفة الضوء على طبق الكسكس الملكي المتكون من أربعة أنواع من اللحوم، بما في ذلك "المرقاز" أي النقانق. وقالت مديرة مطعم المنصورية بباريس، المغربية فاطمة حال، إن "إضافة النقانق إلى طبق الكسكس تعدّ بمثابة عادة غريبة بالنسبة لمنطقة شمال أفريقيا، فعادة ما يفضل أصيل و هذه المنطقة طهيها على الشواية وتقديمها كمقبلات". ويعد الكسكس الملكي طبقا تسويقيا طورته فرنسا، ليصبح من بين أفضل ثلاثة أطباق مفضلة لدى الفرنسيين.
وأفادت الصحيفة بأن جين، التي تجاوزت سن الثمانين، لا تزال تدير مطبخا تلتزم فيه باتباع وصفات والدتها المتوفاة. وتقوم هذه الوصفة بالأساس على سمك الهامور الأبيض المنقوع في صلصة الزعفران والهريسة والليمون. وفي الحقيقة، توجد المئات من وصفات الكسكس بالمغرب العربي، حيث تؤمن جميع المدن والقرى المغاربية بأنها تمتلك الوصفة الألذ والأشهى.
وأضافت الصحيفة أن هذا الاختصاص، الذي واصل الصمود طيلة قرون من الزمن، قادر على جمع المسلمين واليهود والمسيحيين، والأغنياء والفقراء حول مائدة واحدة. وقد ساهم هذا الرابط العميق في ظهور فعاليات مهرجان "الكسكسي" بالمدينة الفرنسية مرسيليا سنة 2018. ويضم المهرجان موائد تعرض عليها أطباق الكسكس المختلفة، إلى جانب مشاركة مجموعة واسعة من الطهاة والفنانين في هذه الأجواء الاحتفالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الاحتفال جمع آلاف الهواة والمشجعين، ومن المقرر أن يقع تنظيم نسخة ثانية من المهرجان في نهاية شهر آب/ أغسطس القادم. ويقدم الطاهي اللبناني كمال مزوق، الذي جعل من مطبخه "سلاحا للمصالحة واسعة النطاق"، أطباقا من الكسكس لأكثر من ألفي شخص بالمسرح الوطني "دي مرلان"، الواقع في الأحياء الشمالية لمدينة مرسيليا. ويؤمن مزوق بالقاعدة الذهبية التي تقول: "طبق الكسكس الجيد هو الذي لا تأكله بمفردك".