عبد القادر زاوي: الخرجات الإعلامية لبنكيران.. تخطيط وليس هذيان

عبد القادر زاوي: الخرجات الإعلامية لبنكيران.. تخطيط وليس هذيان عبد القادر زاوي
واهم من يعتقد أن الخرجات الإعلامية المتكررة في الآونة الأخيرة لرئيس الحكومة السابق السيد عبد الاله بن كيران هي من تلقاء نفسه نتيجة ما يروج البعض عن شعوره بانحسار الأضواء الإعلامية عنه، وأنه يجريها بعيدا عن التنسيق مع أعضاء حزبه وجماعته الدعوية.
كلا. فهذه الخرجات مدروسة ومقصودة وتدخل في إطار استراتيجية الرد على ما يعتبره دهاقنة الإسلام السياسي بالمغرب انطلاقة مبكرة لحملة الانتخابات التشريعية لسنة 2021، التي يعتقدون أن حليفهم الحكومي وغريمهم السياسي التجمع الوطني للأحرار قد بدأها من خلال استئناف رئيسه لتجمعاته الجماهيرية في عدد من الأقاليم والجهات، وعدم تورعه في توجيه انتقادات لاذعة لحزب العدالة والتنمية رغم التحالف الحكومي الذي يجمعهما.
تنطلق هذه الاستراتيجية من قناعة لدى الإسلاميين بأن الاستعدادات جارية على قدم وساق وبتواطئ جهات عديدة من أجل هزمهم في الانتخابات التشريعية المقبلة. وأن الرد على ذلك في الآونة الراهنة ينبغي أن يكون تدريجيا، وأن يقتصر في هذه المرحلة على إيصال رسائل متعددة بعضها للإحراج، والبعض الآخر للتحذير، ثم انتظار رد الفعل قبل بدء المرحلة الثانية.
هذا ما يتضح جليا من تواتر الأحاديث الإعلامية للسيد بن كيران عن موضوع الإنعام عليه بمعاش استثنائي رغم أنه لم يسلك المسطرة القانونية المتبعة في منح هذا النوع من المعاشات. إن ضربه عرض الحائط بالقاعدة الأخلاقية التي تفترض عدم الإفصاح عن العطايا والهبات مقصود به إحراج من منحه ومن أخبره بالمنحة، متوخيا بذلك تحقيق أكثر من هدف.
*أول هدف يرومه السيد بن كيران من مسعاه هذا هو إسكات كل الأصوات من داخل عشيرته ومن معسكر مناوئيه، التي تحدثت عن أنه بات شخصا غير مرغوب فيه على الساحة السياسية. فهذا المعاش بالنسبة إليه دليل رضا وعطف، وليس إحالة على مستودع التقاعد نتيجة ما أشيع عن غضب وسخط عليه.
*ويتمثل الهدف الثاني في التودد إلى الجهات النافذة التي كان يتهمها في السابق بالعمل لصالح خصومه السياسيين خاصة أولئك المنتمين إلى الأحزاب التي يسميها إدارية أو سلطوية. وبهذا التودد هو يحرج تلك الجهات من شخصيات ومؤسسات بغية تحييدها في معاركه الانتخابية المستقبلية.
ويبدو أنه استشعر نوعا من التجاوب مع هذا التودد أو على الأقل نوعا من الرضا على ذلك ؛ الأمر الذي جعله يتطاول في خرجته الأخيرة بعدم الاقتصار على إثارة القضايا الداخلية ونزاعاته داخلها، وينقل دائرة إسفافه إلى مواضيع تتعلق بالعلاقات الخارجية للبلاد، حيث بدا متعمدا إحراج الدبلوماسية المغربية من خلال تهجمه على دولة الإمارات العربية المتحدة متهما شخصيات محسوبة عليها بالوقوف وراء بعض التحركات على الساحة الداخلية استهدفته واستهدفت حزبه، ولكن من دون تقديم أدلة ملموسة.
*أما الهدف الأسمى من مجمل هذه الخرجات هو استشعاره واستشعار من يقف وراءه بأن الحملة الانتخابية المقبلة ستكون شرسة، وأن من المصلحة لحزبه وجماعته تمييع الساحة السياسية بما يدفع إلى المزيد من العزوف الشعبي عن اللعبة الانتخابية لكي تسجل المشاركة في الاستحقاقات المقبلة نسبة متدنية ستؤثر بلا شك في رصيد الأحزاب المنافسة لهم لأن الكتلة الناخبة لتيارات الإسلام السياسي كتلة في العادة متراصة ويسهل تعبئة الأنصار والمريدين للمشاركة فيها وحدهم وتحقيق الفوز بها تبعا لذلك.
ولهذا فمن المنتظر أن يواصل السيد بن كيران هذا التوجه في الخرجات القادمة، وأن يستخدم فيها كافة الوسائل، وعلى القوى الديمقراطية الحية في البلاد أن تتجنب السقوط في الفخ الذي ينصب لها. فخرجات السيد بن كيران مخططة وليست مجرد هذيان.