محمد لكريني: تعزيز العلاقات المغربية السعودية رهين باحترام المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للبلدين

محمد لكريني: تعزيز العلاقات المغربية السعودية رهين باحترام المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية للبلدين محمد لكريني
ينبغي في بداية الأمر التأكيد على مسألتين مهمتين: المسألة الأولى، تقر بأن العلاقات الدبلوماسية المغربية السعودية هي علاقات تاريخية امتدت لفترات طويلة من الزمن عبر العديد من الزيارات المتبادلة بين الطرفين، والدليل على ذلك انطلاق هذه العلاقات مباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال منذ سنة 1957 لتمتينها فيما بعد على جميع المستويات وانسجام مواقفهما حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية. أما المسألة الثانية، فمرتبطة بمقولة مأثورة في حقل العلاقات الدولية تؤكد على أنه : "ليست هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة ولكن هناك مصالح دائمة"، أي أن مصالح الدول هي المعيار الأساس والمتحكّم في تحديد استمرار تطور العلاقات الثنائية للدول.
فبخصوص استدعاء السفير المغربي مصطفى المنصوري بالرياض للتشاور قصد الاستفسار حول إيقاف مشاركة المغرب في العمليات العسكرية مع التحالف العربي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، لم يصدر أي بلاغ رسمي عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية، لكن السيد بوريطة اعتبر في حوار تلفزي على قناة الجزيرة في برنامج بلا حدود على أن تغيير المغرب لسياسته الخارجية اتجاه هذا التحالف جاء نتيجة لتقييم المغرب لسياسته الخارجية في هذا الشأن ونتيجة، أيضا، لمجموعة من التطورات الحاصلة في الأزمة اليمنية.
أما فيما يخص المغرب وتقديم ترشحه لاحتضان نهائيات كأس العالم سنة 2026، صوتت المملكة العربية السعودية لصالح الملف الثلاثي الأمريكي - الكندي - المكسيكي، أعتقد أن هذا الموقف جاء نتيجة للخلافات المتصاعدة في صمت بين البلدين، خصوصا وأن المغرب كان حياديا في الأزمة الأخيرة التي وقعت بين قطر والمملكة العربية السعودية، بعدما عبرّ المغرب عن إمكانية توسطه في هذه الأزمة، لأنه تربطه علاقات مهمة مع مجمل دول مجلس التعاون الخليجي، هذا الأخير الذي سبق وأن رحّب بانضمام المغرب والأردن بعد الحراك الذي شهدته المنطقة العربية منذ سنة 2011 لتحصين أنظمتها بعد سقوط نظامي زين العابدين بن علي ومعمر القذافي، الأمر الذي ساهم في تعزيز العلاقات المغربية- السعودية..، أما الولايات المتحدة الأمريكية فتعتبر حليفا مهما للمملكة العربية السعودية، في ظل دعم الأولى لهذه الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط لأنها تستفيد في علاقاتها هاته اقتصاديا واستراتيجيا..
و جدير بالإشارة بان المغرب يُعتبر المساس بقضية الوحدة الترابية خطا أحمرا ، وهو ما برز في العديد من المحطات.. واجه المغرب خلالها كل من تجاوز هذا الخط بصرامة، ومن ثمة فقضية بث الشريط التلفزي على قناة العربية والذي مسّ سيادة المغرب كان أحد الأسباب الرئيسية التي على ما يبدو أسهمت في توتر العلاقات المغربية السعودية.
إن تعزيز العلاقات المغربية السعودية وتمتينها رهين باحترام المبادئ الأساسية التي تقوم عليها السياسة الخارجية للبلدين، مثل احترام مبدأ الوحدة الترابية، مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، استقلالية القرار الخارجي.. واستحضار العلاقات التاريخية والمصالح القائمة الاستراتيجية بين البلدين من أجل تطويق الأزمة الراهنة بين الطرفين.

                                         ذ/ محمد لكريني، باحث في العلاقات الدولية