تفاصيل نُفوق حصان وإغماء صاحبه في مشهد مأساوي من فيلم "الحرب على العربات" باليوسفية

تفاصيل نُفوق حصان وإغماء صاحبه في مشهد مأساوي من فيلم "الحرب على العربات" باليوسفية ثلاثة مشاهد لنفوق الحصان وإغماء صاحبه

يخوض أعوان السلطة وعناصر من القوات المساعدة حربا ضروسا ضد العربات المجرورة بالدواب، بتنسيق مع الشرطة الإدارية بالجماعة الترابية بمدينة اليوسفية، ويتحينون الفرصة للإيقاع بسائقي العربات، بعد مطاردتهم كرا وفرا، على شاكلة أفلام رعاة البقر، وحجز خيولهم وبغالهم وعرباتهم بالمستودع البلدي.

 

المطاردات "الهوليودية" والاستعراضية التي تقوم بها سيارة القوات المساعدة يوميا، أثارت الرعب في نفوس المواطنين والتلاميذ أمام بعض المؤسسات التعليمية، كما هو مثبت في فيديو التقط من أمام المؤسسة التعليمية عمر المخيم (قرب حي الريطب)، حيث هرع أصحاب العربات المجرورة، يركضون بخيولهم وبغالهم بسرعة جنونية تاركين ورائهم نقع وغبار الحوافر، خوفا من حجز عرباتهم ودوابهم، والقبض عليهم من طرف دورية القوات المساعدة التي أضحت فزاعة تتنقل بين دروب وأحياء المدينة بحثا عن ضحايا العربات المجرورة.

 

طبعا إن مواطني مدينة اليوسفية، التي تجاوزت 100 ألف نسمة، يتطلعون إلى تنظيم مجالها وتأهيل طرقاتها وشوارعها وأزقة أحيائها، معماريا وهندسيا وبيئيا، وإبعاد كل مظاهر البداوة التي كرسها المسؤولون بالمجالس المنتخبة المتعاقبة بتواطؤ مع السلطة المحلية، التي كانت تعتبر سائقي العربات المجرورة خزانا للأصوات الانتخابية؛ لكن ليس بهذه الطريقة المذلة والعنيفة، وكأن هؤلاء الوافدين بعرباتهم (مئات العربات المجرورة) على المدنية سقطوا على عين غرة من السماء. لنجيب عن سؤال الحقيقة الذي يريد البعض إنكاره اليوم، ألا يوجد بين المستثمرين في ريع العربات المجرورة مقربون من المجالس المنتخبة، وبعض رجال التعليم، وموظفون وإداريون كانوا يعتبرون العربة مثل الكريمة؟

 

لنعد عقارب الزمن اليوسفي إلى الوراء، ونتساءل أيضا: أين هو مشروع "الكوتشيات" الذي طبل وزمر له عامل الإقليم غير المأسوف على رحيله "السي عدي" في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ أين هي وحدات الكوتشيات التي التهمت المال العام؟ لماذا فشل مشروع "الكوتشيات"؟ ومن تسلم الصفقة ومن أنجزها...؟

 

أغلب المواطنين الذين تتبعوا واقعة/ الحادث المأساوي الذي تسبب في نفوق حصان أحد سائقي العربات المجرورة يوم الثلاثاء 05 فبراير 2019 بالحي الحسني، أكدوا لجريدة "أنفاس بريس" أن أحد "أعوان السلطة  كان سببا في الحادث، حيث قام بنزع لجام الحصان، وحرره من الأحزمة المربوطة مع العربة". وأوضحت مصادر الجريدة أنه في تلك اللحظة "كان سائق العربة يستجدي عون السلطة ومن معه، ويستعطفهم كي يطلقوا سبيله، ويقسم بأغلظ الإيمان أنه لا يملك قوت يومه"؛ لكن شطط عون السلطة ومن كان يرافقه في أداء مهمته القمعية، كان لهم رأيا آخر.

 

"لقد قام عون السلطة بنغز ولكز وضرب الحصان بعد تحريره من اللجام وأحزمته، مما أدى إلى استفزازه، فانطلق كالسهم مسرعا وسط الشارع ليصطدم مع شاحنة أردته قتيلا في مشهد مروع"، يحكي شاهد عيان  تابع الحادث المأساوي.

 

كان مشهد نفوق الحصان، وبكاء صاحبه وهو يعانق جثته الهامدة جد مأساوي، مشهد يلخص واقع تسلط بعض أعوان السلطة وتجبرهم ضد الضعفاء والبسطاء، مشهد يفضح السلوك الشاذ لمن يدبرون شؤون الناس على جميع المستويات بمدينة الفوسفاط.. لقد أغمي على سائق العربة فوق جثة حصانه، وتحلق عليه مجموعة من المواطنين يستنكرون الواقعة ويعلنون استيائهم وتذمرهم.

 

هل يمكن أن نستسيغ مثل هذه السلوكات الحاطة من الكرامة؟ من أعطى الأوامر لتنفيذ أمر ملاحقة ومطاردة وحجز واعتقال وضرب سائقي العربات وأحصنتهم والتنكيل بهم؟ يجب فتح تحقيق في الحادث المأساوي الذي أضحى حديث المدينة وكل الجماعات القروية التابعة لإقليم اليوسفية، وترتيب الجزاء، واتخاذ الإجراءات القانونية، وتعويض الضحية الذي لا يملك قوت يومه كما روى شهود عيان.

 

سؤال له علاقة بما سبق: ألم يكن في مقدور السلطة المحلية، في شخص باشا المدينة، التنسيق مع رئيس الدائرة ورجال السلطة بالعالم القروي الذي يعتبر رافدا للعربات المجرورة، وعقد لقاءات تواصلية مع أصحاب العربات المجرورة بكل جماعة قروية، وشرح تفاصيل قرار الشرطة الإدارية وتبعاته الزجرية عبر مذكرة توجيهية؟