غريب: الحاجة إلى مكتب وطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي منسجم وفعّال

غريب: الحاجة إلى مكتب وطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي منسجم وفعّال عبد الحق غريب

سيبقى التاريخ شاهداً على مرحلة مهمة ومتفرّدة في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي، ونخص بالذكر مرحلة 2013-2018، أو مرحلة ما بين المؤتمر العاشر والمؤتمر الحادي عشر، والتي انطلقت بإعداد ميثاق شرف يحكم ويؤطر العلاقة بين أعضاء المكتب الوطني من جهة، وبين المكتب الوطني واللجنة الإدارية من جهة أخرى.

 

ومن أهم وأبرز ما ميّز هذه الفترة هو سلسلة من المعارك النضالية غير المسبوقة في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي من أجل الدفاع عن الجامعة العمومية وكرامة الأستاذ الباحث، كانت خلالها مواقف مهمة ومشرفة للمكتب الوطني واللجنة الإدارية، من ضمنها الانسحاب التاريخي وغير المسبوق من المجلس الأعلى للتعليم للكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي مع ممثل الأساتذة الباحثين في المجلس، دفاعا على مجانية التعليم العالي، بالإضافة إلى الرفض القاطع لشرعنة الأداء في مؤسسات التعليم العالي العمومي تحت مسمى "الشراكة عام عام" ورفض شرعنته عبر مشروع قانون تغيير وتتميم القانون 00-01 المتعلق بتنظيم التعليم العالي والبحث العلمي وعدم المقايضة بمصير ومستقبل الجامعة العمومية، بأي شكل من الأشكال.

 

وقد تميّزت هذه المرحلة كذلك بالحضور القوي والمتميز لصوت النقابة الوطنية للتعليم العالي في المجلس الأعلى للتعليم كقوة اقتراحية ومدافعة عن التعليم المجاني الجيد، ولقاءات المكتب الوطني بالفرق البرلمانية من أجل نقل مشاكل التعليم العالي والجامعة العمومية إلى قبة البرلمان بغرفتيه وإسماع صوت الأساتذة الباحثين، والمساهمة الفعالة في بناء الجبهة الاجتماعية مع النقابات العمالية في أفق وحدة الطبقة العاملة، تُوّجت بالبيان الخماسي المشترك (النقابة الوطنية للتعليم العالي والمركزيات النقابية الأربعة: الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والفدرالية الديمقراطية للشغل) والإضراب الوطني العام، يوم الأربعاء 24 فبراير 2016.

 

في نفس السياق، لابد من التذكير أن سلسلة المعارك النضالية التي دعت إليها اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، الأولى من نوعها في تاريخ الجامعة المغربية، لها بصمتها التاريخية في الساحة الجامعية، حيث تُوّجت بمجموعة من الإنجازات في ظل حوار اجتماعي معطل بين المركزيات النقابية والحكومة، ووضع سياسي واقتصادي في البلاد جد متأزم.. من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر، اعتراف وزير التعليم العالي، ولأول مرة منذ قرابة ثلاثة عقود، بالحيف الذي لحق الأساتذة الباحثين حاملي شهادة الدكتورة الفرنسية، مع الطي النهائي لملف رفع الاستثناء، وصدور مرسوم الترقي من أستاذ مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي الذي ألغى المباراة والكوطا، بالإضافة إلى الدرجة "د" والدرجة الاستثنائية ورفع الحيف عن الأساتذة المحاضرين الموظفين قبل 97، والبلاغ المشترك بين المكتب الوطني ووزارة التعليم العالي حول الإصلاح الشمولي.. كل هذا يأتي في الوقت الذي أجهزت فيه الدولة على مكتسبات الشعب المغربي بشكل عام وعلى الوظيفة العمومية بشكل خاص.

 

وللتاريخ، لابد من سرد كرونولوجيا اجتماعات اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي التي تقرر خلالها خوض معارك نضالية:

- 02 فبراير 2014 (دورة الفقيد لحسن مثيق)، قرار إضراب إنذاري لمدة 24 ساعة، يوم 19 فبراير 2014، تحت شعار: "وحدة الأساتذة الباحثين دفاعاً عن الجامعة العمومية"؛

- 05 أبريل 2014، قرار خطة تصاعدية تبتدأ ب 48 ساعة، يومي 13 و14 ماي 2014، مع وقفة احتجاجية أمام وزارة التعليم العالي؛

- 24 ماي 2014، قرار إضراب لمدة 72 ساعة أيام 23، 24 و25 شتنبر 2014، وتجميد الهياكل المنتخبة لمجالس الجامعات (لأول مرة في تاريخها، النقابة الوطنية للتعليم العالي تدعو وتخوض إضراب لمدة 3 أيام ومع بداية الدخول الجامعي)؛

- 7 يناير 2018، قرار تسطير خطة نضالية تصاعدية (إضراب لمدة 96 ساعة)، انطلق بخوض إضراب لمدة 24 ساعة، يوم 20 فبراير 2018 كرسالة تربط المطالب العادلة لهيئة التدريس والبحث مع الحركات الاحتجاجية والاجتماعية الديمقراطية، ثم 48 ساعة، يومي 14 و15 مارس 2018..

 

ويأتي هذا الإضراب الأخير على بعد حوالي شهر فقط من انعقاد المؤتمر الوطني 11 بمراكش، والذي أفرز مكتبا وطنيا، من 19 عضواً 100% ذكوري، ثم 21 عضواً.. أطفئوا هذه الشعلة النضالية وانشغلوا في صراعات في ما بينهم حول مصالح ضيقة وحسابات سياسوية.. كيف لا وأعضاء المكتب الوطني لم يستطيعوا أن يدبروا اختلافهم حول ملف أستاذ واحد تم توقيفه بشكل تعسفي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير، فما بالك بمستقبل الجامعة العمومية وكرامة الأستاذ الباحث والقانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي، والإصلاح الشمولي وما إلى ذلك.

- ذ. غريب عبد الحق، عضو قطاع الجامعيين الديمقراطيين باللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي