متابعة مستشار استقلالي بسرقة الزليج، والمتهم يقدم نفسه ضحية صراعات سياسية

متابعة مستشار استقلالي بسرقة الزليج، والمتهم يقدم نفسه ضحية صراعات سياسية الرئيس أبو الغالي إلى جانب منظر من إقليم مديونة

في ساعة متأخرة من ليلة أمس الخميس 24 يناير 2019، استمرت مناقشة ملف يتابعه الرأي العام المحلي بإقليم مديونة، ويتعلق الأمر بمتابعة المستشار بذات الجماعة هشام العوني، بتهمة المشاركة في السرقة، إلى جانب شخصين آخرين، متابعين بالسرقة الموصوفة.

داخل إحدى القاعات بالمحكمة الزجرية عين السبع بالدار البيضاء، كان الحضور مكثفا، مما جعل رئيس الجلسة الأستاذ ميلود دمير، ينبه الحاضرين إلى ضرورة التزام الصمت، مع بدء مناقشة ملف يستأثر باهتمام كبير من ساكنة إقليم مديونة.

وملخص الوقائع أن البلدية منحت اختصاص إزالة الزليج بعدد من أرصفة الإقليم لإحدى الشركات، وبعد وضعه في مكان ما في الشارع العام، طلب شخص من المستشار الجماعي إعطاءه هذا الزليج ليعيد استعماله في ضيعته، فما كان من المستشار إلا أن وافق على العملية ليكلف سائق شاحنة بنقل ما اعتبره بقايا الزليج إلى الوجهة المتفق حولها.

بعد التأكد من هويات المتهمين المتابعين في حالة اعتقال، أعطيت الكلمة لمحامي البلدية، حيث اعتبر أن تهمة السرقة والمشاركة فيها ثابتة في حق المتهمين، من خلال رصد كاميرا المراقبة لعملية نقل الزليج من مكان إلى مكان، بعد أن سجلت الدعوى ضد مجهول في البداية، وبالتالي فإن وسائل الإثبات متوفرة، وبأنه لاحق للمستشار أو غيره في التصرف في منقولات أو أملاك الجماعة إلا بإذن مكتوب من الرئيس، وهو من يقرر هل هذا الزليج صالح للاستعمال أو غير صالح، خصوصا وأن إعادة استعمال لم تشمل فضاء عموميا بقدر ما هو ملك خاص داخل ضيعة أحد المتابعين، مدليا بصور تثبت صلاحية الزليج للاستعمال مرة أخرى، ملتمسا قبول الدعوى العمومية وتعويض عن الضرر قيمته 200 ألف درهم يؤديها المتهمون تضامنا.

من جهته اعتبر دفاع المتهمين أن المستشار الجماعي، هشام العوني (الاستقلال) هو ضحية حسابات سياسية، وأنه ليس مسؤولا في الجماعة، فهو ليس عضو المكتب ولا رئيس لجنة، وله خصومة سياسية مع الرئيس صلاح أبو الغالي (الأصالة والمعاصرة)، ومن مهامه تقديم الخدمات للمواطنين، مؤكدا أن بلدية مديونة عبر التاريخ تعرف تطاحنات سياسية بين الأعضاء، وهو ما جعل الرئيس، حسب الدفاع، يستغل "ضربة جزاء" ضد أحد خصومه السياسيين، ليطالب بتعويض قدره 200 ألف درهم، مما يندرج في الإثراء غير المباشر. بالنسبة لصلب الموضوع، اعتبر دفاع المتهمين أن هناك شهادة حسن السيرة والسلوك موقعة من قبل 15 جمعية بيئية، تبرئ المستشار الجماعي من تهمة المشاركة في السرقة، وبأن الزليج عبارة عن "ردم"، إذ بمجرد اقتلاعه يصبح متهالكا وغير صالح للاستعمال مرة ثانية، حيث يعود لأكثر من 20 سنة مضت، وبأن استعماله مرة ثانية كان في الطريق العام وليس في ضيعة خاصة، وبأن العرف جرى على التخلص من كل قطع الزليج بعد اقتلاعها، سواء كانت مستعملة لأغراض خاصة أو عامة، ونفى دفاع المتهمين، تهمة السرقة أو المشاركة فيها، بالنظر لكون الزليج المقتلع غير ذا قيمة مالية، وبأنه ليس هناك أي قصد جرمي بدليل أن عملية نقل الزليج كانت في واضحة النهار أمام المارة، مشددا على أن هناك ضغينة في الملف هي التي تحركه، وبأن المتابعين ومنهم المستشار الجماعي تصرف بشكل طبيعي دون خلفية، بدليل أنه لم يحقق منافع مادية من وراء العملية، وبالتالي فالملف لايتعلق باختلاس للمال العام بقدر ما هو متعلق بالتصرف في كومة حجارة وأتربة، على حد قول دفاع المتهمين.

بالمقابل شدد ممثل النيابة العامة، على أنه فوجئ من كلام الدفاع وهي تستصغر قيمة الشيء المسروق، والمتعلق بقطع الزليج، في ملكية مؤسسة عمومية، تم التصرف فيها بإعادة الاستعمال في فضاء خاص، مستنكرا استخدام عبارات القصد الشريف وسذاجة مستشار جماعي، وأكد أن الملف جنحي في الأساس، ولا علاقة له بأي حسابات سياسية، وبأن القضاء مستقل عن أي تجاذب سياسي، "فنحن أمام واقعة السرقة الموصوف باستعمال مركبة ذات محرك، حتى لو تمت في واضحة النهار، مادام أن هناك وسيلة إثبات واعترافات من المتهمين بأنهم لايملكون الحق في التصرف في قطع الزليج"، يقول ممثل النيابة العامة، مضيفا أن الملف في البداية كان جنائيا قبل أن يعاد التحقيق فيه بالنظر لانعدام سوابق المتهمين، كاشفا أن وزن الزليج يصل إلى 16 طن، مازالت صالحة للاستعمال وبأن هناك تقاسم للأدوار بين المتهمين، واحد استغل مهمته مستشارا جماعيا، والآخر نقل مسروقا والآخر استغله لتبليط ضيعته.

وبعد أن أعطيت الكلمة للمتهمين الذين اعتبروا أنفسهم أبرياء من المنسوب إليهم، أرجأت القضية ليوم الثلاثاء 29 يناير 2019، للنطق بالحكم.