أن نتعاطى مع ما يحدث دون أن يستفز تحليلنا ودون أن نتابعه بالكثير من الفرحة، أولا للموسيقى التي يتم إبداعها و ثانيا لحالة الركود التي تم تكسيرها ففي كل مرحلة عندما نقول أن شبابنا قد ماتت روحه يخرج علينا بقمقمه المارد ليعلن عن نفسه و يرفع صوته ليقول لنا ها نحن هنا موجودين، فعلها مع انطلاق ثورة الموسيقى الشبابية، و فعلها مع حركة عشرين فبراير و فعلها اليوم مع هذه الحرب الموسيقية التي و إن كانت تستعمل فيها كلمات وموسيقى خارج عن المألوف وعن القيود فهي تعكس كذلك نوعا من التقدير المتبادل بين المتحاربين، وهو جزء من منطق الراب. من يتابع هذه الحرب سيكتشف أنها تعكس نوع من التدافع الذي قد نكون غائبين عنه، تدافع جيلين،بين جيل بيغ الذي تفتقت موسيقاه و إبداعه مع بداية سنة 2000 و بين جيل ما بعد 2011 الذي يجسده ديزي دروس، و حليوة الذي اكتشفته صدفة من خلال برنامج ميد راديو في قفص الاتهام للصديق رضوان الرمضاني و كانت الحلقة سببا لابحث عنه من خلاله تعرفت على جيله من الشباب الموسيقي الذي طور الراب المغربي و أضاف عليه الكثير من التوابل الموسيقية و الإبداعية المغربية.
التدافع الحالي هو إعلان عن ميلاد جيل جديد من الشباب بموسيقاه الذي يريد و بقوة ”قتل الأب” السلطوي و الانتفاضة عليه و تكسير قيوده و إسقاطه رمزيا، هي حالة نفسية قد تكون موجودة لدى فئات عريضة من الشباب وهو ما دفعها إلى متابعة هذه الحرب وزيادتها تشويقا وأضفت عليها نوع من المشروعية، قد تكون هذه ”الحرب” موجودة في مجالات شبابية أخرى لم نستطع بعد تبينها لأنها قد تكون خفية كما كانت هذه الحرب الموسيقية التي لولا كلاش البيغ لما انفجرت و لما استمتعنا بها و بموسيقاه، هي إنذار للجميع بكون هناك جيل جديد من الشباب يحتاج لمن ينصت له و يستمع إليه و يصاحبه ليس من منطلق أبوي أو سلطوي، بل بالكثير من الإنصات و التفاهم، هو جيل أكثر غضبا و”عنفا” ورغبة في قيادة جيله نحو المستقبل بروح متقظة مشتعلة، متحسم و ثائر....
كلاش البيغ، وحليوة و ديزي دروس.... هي دعوة صريحة لدمقرطة مجالات الشباب من شبيبات حزبية، جمعيات، دور الشباب... ومختلف الوسائط لأنها في صيغتها الحالية متجاوزة ولا تلبي حاجاتهم الإبداعية والثقافية والسياسية، هي دعوة لاحتضان جيل ما بعد 2011 بكل ما يمثله هذا التاريخ من رمزية سياسية وتاريخية.