لست متخصصا في السميولوجيا و التاريخ ولكن سأحاول فهم ما يجري من تحولات عصية داخل حزب المصباح .
فعلى جميع المواقع قرأنا عنوانا عريضا مقرون ايضا بصورة لقياديين مشفوع بالعبارة التالية :
حزب العدالة والتنمية يقرر تشييد مقره العام الجديد بحي الرياض بمبلغ مرجعي / تقديري مليار و400 مليون سنتيم .
عنوان يستحق اكثر من قراءة .
من الناحية المبدئية ينبغي تثمين هذا التراكم المادي لهذا الحزب الذي اختار الخروج من اعتماد الوسائل التقليدية للعمل الحزبي ، فالمقر لا يعني فقط بناية وجدران دون تجهيزات ووسائل الاتصال والتواصل ، وكفاءات وموارد بشرية حديثة ، اي محتوى يقتضي توفير إمكانيات مادية ومعنوية هائلة ، ويبدو أن الأمر جدي وربما كان القرار جاهزا وتم التسريع بالاعلان عنه بغية امتصاص اي غضب او نقمة محتملة ، وبغض النظر عن الثمن الذي استهلكته قيمة الارض والدراسة الطبوغرافية ، ناهيك عن زمن صياغة القرار " سياسيا " ؛ فإن الرسالة لا تعني سوى أن حجم الحزب كبر بقدر لم تعد بنياته العتيقة تستوعبه ، كميا ، اما من الناحية النوعية ، يصعب التكهن والحديث عن تحول في العلاقة مع البنية الفكرية المهيكلة لتحول محتمل في الخيار السياسي ، فهذا يحتاج الى كثير من تحليل وتشخيص ، ولكن يمكن استنتاج رسالة استعجالية ، حتى لا نقول مستعجلة ، مفادها ان للحزب رسالة خالدة ، ولهذا فهو في حاجة الى بنيات ووسائل مستدامة ، وفي ذلك أجوبة مضمرة عن جميع تساؤلات المصير والوجود والاستمرارية ، وذلك تيمنا بما نهجه السلف عبر التاريخ ، فهل ستحقق البناية الضخمة المبتغى ، اي هدف ودور الموحد الجماعي ، كما الشأن في الإعلام ، لدى الفكر اللينيني ، خاصة بعد تنازع الشرعيات وتفاقم الخلافات الداخلية ؟ وما دور روافد الحزب وأذرعه " العقائدية والحقوقية والنقابية " و " الوزيرية او رجال الدولة وموظفيها العمومية " في استتباب الأمن التنظيمية والهوياتي ؟
أدعو الجميع الى عدم استصغار السجال الخفي الذي يجري بين الحزب والدولة ؛ بخلفية الذيلية والالحاقية ، وليس مصطلح المقر الا عنوان للاستقرار وعدم الترحال ، فهل سنعيش تكرار مآسي وتداعيات " بقاء الحال على ما كان " ، في ظل تيه يسار يبحث له عن مستقر في يم أمواجه عاتية محافظة ، او صحراء كثبانها متحركة ميكانيكيا في انتظار غودو " الجدلي " .