فقدان إيمانويل ماكرون لضمانات النقاش الوطني يفشله قبل بدايته

فقدان إيمانويل ماكرون لضمانات النقاش الوطني يفشله قبل بدايته الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون

جندت فرنسا يوم أمس السبت 12 يناير 2019، 80 ألف شرطي في الأسبوع التاسع من الاحتجاجات من أجل 84 ألف متظاهر، ورغم ذلك سجلت اصطدامات بين الشرطة والمحتجين استعمل فيها الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه خاصة قرب قوس النصر، في قلب العاصمة باريس التي اعتقل بها 156 شخص من المتظاهرين.

وتميزت تظاهرات السترات الصفراء ضد سياسة الرئيس إيمانييل ماكرون بانعقادها بمختلف المدن الفرنسية، فقد كان عدد المحتجين حوالي 8 آلاف شخص بالعاصمة باريس و 6300 شخص بمدينة بورج (وسط  فرنسا) و 6000 بمدينة بوردو حسب وزارة الداخلية. وعرفت الاحتجاجات ارتفاع عدد المشاركين بحوالي 35 ألف مقارنة مع السبت ما قبل الماضي.

وانطلق المحتجون بمدينة باريس أمام وزارة الاقتصاد بحي بيرسي شرق العاصمة، وتوجهت التظاهرة نحو جادة الشان الاليزيه، مرورا بساحة الباستي، وعند وصول المتظاهرين إلى الشان الاليزيه انطلقت اصطدامات بمحاداة قوس النصر وتم إطلاق الغاز المسيل للدموع واستعمال خراطيم المياه، وهو نفس المكان الذي شهد مواجهات عنيفة في بداية شهر دجنبر الماضي، أسفرت عن خسائر كبيرة بما فيها إتلاف محتويات المتحف الذي يوجد بهذه المعلمة التاريخية.

ورغم تصريحات رئيس الحكومة ادوارد فيليب ووزير الداخلية كريستوف كاستنير خلال الاسبوع الماضي من أجل ثني المتظاهرين على الخروج إلى الشارع، من خلال التهديد بأن القانون سوف يطبق بصرامة على المحتجين الذين لا يتوفرون على تراخيص لذلك، كما قال وزير الداخلية أن أعمال عنف سوف ترافق هذه المظاهرات وحمل المسؤولية لمنظميها، فإن عددا كبيرا من المتظاهرين لم يبالوا بذلك وخرجوا للتظاهر في تحدي للحكومة الفرنسية. بل إن عددهم تزايد مقارنة بالأسبوع الماضي، وهي احتجاجات خلفت آثارا جد سلبية على الاقتصاد الفرنسي في مختلف القطاعات خاصة في مجالي الخدمات والسياحة. وهي رغم عنفها أحيانا مازالت تتلقى دعم الفرنسيين حسب مختلف الاستطلاعات التي تمت حتى الآن.

الحكومة والرئيس الفرنسي يعولون بشكل أساسي على "النقاش الوطني الكبير" الذي ستشهده فرنسا في الأسبوع المقبل من أجل الحد من قوة هذه الاحتجاجات ومن اجل الاستماع إلى مطالب الفرنسيين عبر مختلف المدن الفرنسية.

ومن المتوقع أن يكتب الرئيس الفرنسي رسالة إلى الفرنسيين لتفسير سياسته ووضع الآفاق التي سوف يتخذها هذا الحوار الوطني، ودفتر التظلمات التي فتح بمختلف البلديات الفرنسية لمعرفة مطالبهم، وهو يذكر الفرنسيين بدفتر التظلمات الذي فتحه لويس السادس عشر قبل الثورة الفرنسية من أجل محاولة تلبية مطالب الفرنسيين من تفاقم المشاكل الاجتماعية، لكن هذه المبادرة لم توقف الثورة ولم تنقد لوي السادس عشر من المقصلة. فهل سيفلح الرئيس الفرنسي فيما فشل فيه النظام القديم؟ هي أسئلة سوف ترافق هذا النقاش الذي تجاوب معه حوالي 40 في المائة من الفرنسيين فقط.

هذا النقاش تعثر حتى قبل بدايته، بسبب استقالة شانطال جوانو التي عينها الوزير الأول مسئولة لتأطيره. وذلك بسبب الجدل حول أجرها المرتفع. لكن السؤال المطروح من سيخلفها في هذا المنصب؟ وما هي المواضيع التي سوف يتطرق لها هذا النقاش؟ وما هي الخطوط الحمراء التي لا يمكن التطرق لها؟ وما هي الضمانات السياسية من أجل تطبيق التوصيات التي سوف يخلص لها هذا النقاش الوطني في منتصف شهر مارس المقبل وهو الأجل الذي حددته الحكومة.

الحكومة الفرنسية لا توفر ضمانات لمصير توصيات هذا النقاش ومن هي الشخصية المستقلة التي ستقوده، واليوم فقد تعثر حتى قبل بدايته، مما يجعل أزمة السترات الصفراء مستمرة والأزمة السياسية مستمرة معها بفرنسا في غياب وضوح في الأفق.