مصطفى المنوزي: الحق في دولة آمنة ونرجسيات حزب أمينة الجماعية

مصطفى المنوزي: الحق في دولة آمنة ونرجسيات حزب أمينة الجماعية مصطفى المنوزي

"عندما يتعلق الأمر بشخصيات عمومية مرتبطة بسلطة أو مصدر صناعة القرار السياسي أو السياسة العمومية، فمطلب الحرية الفردية يحتاج إلى تأطير فلسفي وثقافي وتشريعي، وبالأساس إلى دسترة، وذلك حتى لا يتحول إلى نرجسيات جماعية، خاصة وأن الفوضى في الحقل الديني تتيح إمكانية الانتقال من تسييس المعتقد إلى أدلجة المؤسسات ودواليب الدولة.. لذلك فتواتر الازدواجية وتراكمها في الخطاب والسلوك العمومي، يجعل من الفعل العمومي وسيلة، ليس فقط لنيل السلطة، ولكن وسيلة مستدامة لاحتكارها والتحكم فيها والاستبداد بها.  من هنا وجب رد الاعتبار واستحضار جدوى مطلب مدنية الدولة كصمام أمان لأي محاولة لاستغلال الدين أو المال، أو هما معا لاختراق الدولة والمؤسسات.

فصحيح أن البيئة السوسيولوجية تساعد على استشراء كل مقومات مناهضة الأمن الروحي المؤطر بحرية الاعتقاد والحق في الاختلاف والتعددية وعدم الوصم والتمييز، وكذا كل المقاومات للأمن الاجتماعي؛ كل هذا صحيح، ولكن ينبغي الإقرار بأن الأمر لا يتعلق بنزوات شخصية أو انحرافات عن المبدأ، بل إنها اختيارات في عمقها عقائدية، تدفع متمثليها إلى التعامل مع الخصومة السياسية كعداء تناحري قد يبلغ درجة الاستئصال والإعدام، تعوض وتحول الاختلاف في التفكير إلى عقيدة للتكفير.

ولأن استغلال الدين كاستعمال المال، فهو تدليسا وترغيبا يؤثر على سلامة وصحة التعاقدات، وبالتالي يكون ما بني على باطل فهو باطل.. وإن آثار هذا السلوك الديماغوجي لا تقف عند المحطات الانتخابية ومراحل صناعة الخريطة السياسية لكل ولاية، بل تتجاوزها إلى استهداف النظام السياسي من خلال استهداف المنظومة القانونية، ومن خلال تغيير مصدر التشريع بمرجعية دينية أو عرقية.

فمتى سيتم تطهير الحياة العامة من كل النفحات العقائدية والترسبات التقليدانية الماضوية، في زمن اشتدت فيه المنافسة باسم الشرعية الدينية؟