مولاي أحمد الدريدي: ما العمل أمام "إرهاب وتخويف المجتمع والإطارات السياسية والمدنية ومؤسسات الدولة"؟

مولاي أحمد الدريدي: ما العمل أمام "إرهاب وتخويف المجتمع والإطارات السياسية والمدنية ومؤسسات الدولة"؟ مولاي أحمد الدريدي

قبل أن تشارف سنة 2018 على الانتهاء، أبت قوى الظلام من حركات الإسلام السياسي المغربي إلا أن تبصم نهاية السنة بثلاث وقائع/ أحداث لها نفس الدلالات والمعنى. عنوان هذه الدلالات: "إرهاب وتخويف المجتمع، الإطارات السياسية - النقابية - المدنية، ومؤسسات الدولة الغير حكومية كالمؤسسات الدستورية (المجالس والمؤسسات المرتبطة برئيس الدولة بصفته الملكية أو كأمير للمؤمنين)".

ونتساءل معكم عن:

لماذا هذه الاستراتيجية المبنية على إرهاب وتخويف المؤسسات التي سبق ذكرها؟

ماهي الثلاث وقائع/ أحداث التي لها نفس الدلالات والمعنى؟

سأبدأ بتحديد الإجابة عن السؤال الأخير؛ أي تحديد الثلاث وقائع/ أحداث، وهي:

- الواقعة/ الحدث رقم 1: الجريمة الإرهابية النكراء التي راحت ضحيتها ضيفتا المغرب الشابتين الاسكندنافيتين. عملية بهدف إعلان أن داعش حاضرة وتقوم بتنفيذ أحكام البغدادي في المغرب الأقصى.

- الواقعة/ الحدث رقم 2: مظاهر استعراض آليات دار الحرب يوم 25 دجنبر 2018 بقيادة رئيس الحكومة السابق، حيث ثمة إحضار أخيهم المتهم بقتل الشهيد أيت الجيد بن عيسى على سيارة لاندروفر، في إشارة إلى آلية حربية، إعلان دار الحرب تم التواطؤ لها من خلال تصريح وزير الدولة ليلة ذكرى إحياء الإعلان العالمي لحقوق الذي ابتغى من خلاله مصادرة مؤسسة القضاء والتأسيس لقضاء خارج القانون، أي ما نصطلح عليه بتامغرابيت (شرع اليد).

- الواقعة/ الحدث رقم 3: إعلان مشروعهم الحقيقي، أي دولة القرآن:

هي التصريح الذي أدلى به الأمين العام ومرشد جماعة العدل والإحسان محمد عبادي في حضرة يساريي الإسلام السياسي، حيث قال: نريد دولة القرآن؛ نريد دولة الإحسان؛ نريد دولة الإنسان؛ الدولة الإسلامية هي الدولة الإنسانية التي تتلاءم أحكامها مع فطرة الإنسان.

هذا تلخيص مركز لمشروع "الدولة الدينية"، كما تسعى إليه جماعة العدل والإحسان.

القول بدولة القرآن، قول بدولة السيف البتّارْ .

القول بدولة القرآن، قول بالدولة اللاّديمقراطية .

أي النقيض للدولة المدنية الديمقراطية، المتعارضة مع دولة القرآن، ودولة التوراة والزبور، ودولة الإنجيل... فهل استوعب ذلك يساريو وحقوقيو الإسلام السياسي؟!!!"

وجوابا على السؤال الأول، فإن الرسالة من خلال هذه الوقائع/ الأحداث الثلاثة، كانت واضحة؛ أي إرهاب وتخويف المجتمع، الإطارات السياسية - النقابية - المدنية، ومؤسسات الدولة الغير حكومية كالمؤسسات الدستورية (المجالس والمؤسسات المرتبطة برئيس الدولة بصفته الملكية أو كأمير للمؤمنين)".

فليساريي الإسلام السياسي الذين ساندوا أو حضروا ذكرى وفاة عبد السلام ياسين، ولكل من يهمه الأمر؛ نقول إن التحالف مع العبادي وجماعته ومريديه يدخل في إطار هذه الاستراتيجية، أي الاستراتيجية المعبر عنها من خلال جريمة شمهاروش، أو من خلال إعلان دار الحرب بقيادة الرئيس السابق للحكومة عبد الإله بنكيران.

ومن ينخرط فيها يساهم في العملية المشتركة، أو بلغة السياسة في التكتيك المرحلي للإسلام السياسي المبني على التخويف والترهيب، كي يفرضوا شروطهم التفاوضية في الأجندة المستقبلية، وخاصة الانتخابية لـ 2021 .

إذن ما العمل؟

لا أحد يجادل بأن البلد والعباد بداخل هذا البلد العزيز المغرب أصبحوا في خطر إذا تمكن الإسلام السياسي من بلوغ تحقيق استراتيجيته السالفة الذكر. إن الاستراتيجية الأمنية في مواجهة الإرهاب، والتي أبانت على نجاعتها النسبية لا تكفي لوحدها في مواجهة الإرهاب، بل لا بد من القطع مع التردد في مجالات إصلاح الحقل الديني وإصلاح منظومة التعليم وتكثيف المجهود التنموي للحد من تكاثر هوامش المدن الفقيرة؛ فالأسس الفكرية والعقدية التي تنبني عليه الدعوات الإرهابية والمستندة إلى تأويلات متطرفة للعقيدة، تجعلنا أمام تطور للظاهرة الإرهابية بشكل خطير ومقلق.

فعبر مختلف أجيال الظاهرة الإرهابية في بلادنا، فإن تطور الاستراتيجية الوطنية في محاربة الإرهاب، سواء على مستوى المؤسساتي أو القانوني أو اللوجيتسكي أو جوانب احترام الحقوق والحريات وتطور مستوى التعاون الدولي في الموضوع؛ غير كافية الآن مع استراتيجية الإسلام السياسي المغربي الأخيرة هذه والمعبر عنها من خلال هذه الوقائع/ الأحداث الثلاث.

إن الدولة من أعلى قمتها، وكذلك الأحزاب غير المنتمية للإسلام السياسي أو المتحالفة معه أو المتعاطفة معه، وكذلك المجتمع المدني الديمقراطي الحامل لمشروع التغيير التقدمي الديمقراطي؛ هم كلهم مطالبون بالتأسيس لنقاش التغيير الدستوري بغاية تجفيف منابع الإرهاب حتى لا يتم استغلال بعض محتويات الوثيقة الدستورية، في المنظومة التعليمية وفي السياسات العمومية.

والمدخل هو الأعداد المشترك للمحطة الانتخابية 2021 بشكل تشاركي، معقلن، راشد ومؤسس من خلال تغيير الدستور وإدارة انتخابية مستقلة، أن هذا يتطلب مرحليا إعفاء الحكومة الحالية، باعتبار الأخطاء الجسمية التدبيرية والمنحازة للإسلام السياسي، وكذلك الإنسان عملها طيلة 8 سنوات التي مضت بعدم الكفاءة. فالزمن الفاصل ما بين اليوم ومحطة 2021 غير كافي للحلول الترقيعية السياسوية. فالمنهجية الوطنية في تدبير محطة تقرير مصير الشعب أقوى وأكثر شرعية من أية منهجية ديمقراطية عددية.

- مولاي أحمد الدريدي، فاعل حقوقي، الكاتب العام للمركز المغربي من أجل ديموقراطية الانتخابات، والمنسق الوطني للجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب