مصطفى المنوزي: في الحاجة إلى رد الاعتبار لمطلب مدنية الدولة

مصطفى المنوزي: في الحاجة إلى رد الاعتبار لمطلب مدنية الدولة مصطفى المنوزي

ضدا على فوضى ترتيب التناقضات وثقافة افتعال التحالفات، وعلى هامش تأكيد زعيم الإحسانيين تمسك حركته بمقتضيات الدولة الدينية الخليفية، أجد نفسي مضطرا لإعادة نشر مقالتي مؤكدا على راهنية مطلب مدنية الدولة وعلى ضرورة تجديد مطلب حرية الاعتقاد، مطالبا الدولة في شخص مهندسيها وممثليها تقدير عجزهم البنيوي في التحرر من عقدة التردد، ومن ازدواجية التكيف عوض التحول، والتقليد بدل التحديث، وفي سياق تكريس مبدأ ربط التعاقدات بالإلزام والجزاء على عدم الوفاء والالتزام، والنقد والافتحاص  الذاتي، فكريا وسياسيا.

 أستغرب لسلوكات بعض يتوهم ملكية الحقيقة الثورية، والذين يكفي أن تطلب الكلمة للتعبير  فيصادرون حقك في الإختلاف معهم يخونونك وذلك أضعف الايمان؛ أو يعنفوك عنفا ثوريا ما دمت بورجوازيا صغيرا لا يحسن سوى مقاربة الأمور بلبرالية وحقوق الإنسان؛ كما تعجبني، بنفس القدر، من الناحية المبدئية، اقتراحات بعض الرفاق التقدميين والراديكاليين ومبادراتهم، ولكن الدفاع عن التحالف مع التيارات الدينية يشترط التحاور أولا من أجل حث الإسلاميين على مأسسة أفكارهم وخياراتهم ضمن ميثاق وقانون أساسي يؤطره القانون، وإلا يستحيل الوثوق، مستقبلا، في إمكانية النقد والتقييم والتقييم، أي المحاسبة حول دفتر التحملات، لانعدام التعاقد "المقنن" أو المؤسساتي، اللهم إذا تعلق الأمر بارتباط يروم غايات تاكتيكية محصورة في الزمان.

 وتحضرني  تجربتي مع بعض الطلبة والتلاميذ وحتى « أشباه» المثقفين، الذين  قضينا معهم  أكثر من عقد في المنظمات الجماهيرية، وعندما يخطئون أو ينحرفون، لا نجد «الزاوية» التي علينا التظلم لديها ونستوفي حقنا في المحاسبة واللوم أو العتاب، وفي المسار هناك أسماء مستعارة ويافطات معارة و انتماء وهمي وايديولوجيات مغرضة، ولا مسؤول حقيقي ولا مخاطب صادق، وكلما سألت عن هويتهم، اختفوا وراء «الشرعية النضالية»، وكلما سألت عن فلان الفلاني زعيم اللائحة الفلانية، قيل لك عفا الله عنه، فقد صار موظفا عموميا يدافع عن خياراته الكامنة، وتحول اسمه الحركي إلى حركية أمنية سرية، وهذا لا يعني الطعن في نوايا المناضلين الدينيين الصادقين، ولكن لأن الفوضوية  واللاتنظيم شقيقان للأفق المسدود.

 أرجو ألا تطوقنا عقلية  الذيلية  باسم التكتيك ولا الإلحاقية باسم الاستراتيجيا، فقد صدق من قال من هؤلاء الفقهاء القانونيين «المحل ركن من أركان التعاقد الصحيح»، وبغض النظر عن انعدام السبب المشروع فلا تعاقد على المحتمل والمفترض، وبالأحرى من سيتحالف مع من؟