عبد القادر زاوي:هذه أهم خلاصات وتوقعات مباحثات جنيف حول الصحراء

عبد القادر زاوي:هذه أهم خلاصات وتوقعات مباحثات جنيف حول الصحراء عبد القادر زاوي، والوفد المغربي المشارك في مائدة جنيف
انتهت المائدة المستديرة التي انعقدت بجنيف يومي 5 و6 دجنبر 2018 بحضور كافة الأطراف المدعوة لها. ورغم حديث الأطراف كافة عن إيجابية الأجواء التي دارت فيها المناقشات، فقد ثبت أنها كانت غير كافية لإحداث نقلة نوعية كفيلة بإحياء مفاوضات سلام رسمية، بل إنها لم تسجل أي اختراق جدي يذكر لا على صعيد الشكل ولا على صعيد المضمون.
وقد كان ذلك منتظرا، لأنه رغم التأكيد من طرف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة على أن المائدة ستلتئم من دون شروط مسبقة، فإن الأطراف التي لم تتواصل بشكل مباشر منذ أزيد من ست سنوات استبقت ذهابها إلى جنيف بالتذكير بمواقفها المعروفة بشتى السبل والوسائل.
ومع ذلك، فقد استطاعت هذه المواجهة المباشرة من إذابة بعض من الجليد الذي ران على الملف، ونفضت الغبار على عدد من الاستنتاجات والخلاصات التي يجب من الآن فصاعدا استحضارها والعمل على هديها بغية الوصول إلى تسوية متفق عليها ومقبولة من طرف الجميع، كما دأبت على التذكير مختلف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالموضوع.
1/ لقد اتضح، كما جاء على لسان المبعوث الأممي هيرست كوهلر أن إرادة الحل السلمي للنزاع المفتعل هي السائدة، حيث تم الاتفاق على عقد مائدة مستديرة أخرى في الربع الأول من العام المقبل قبل اجتماع مجلس الأمن في نهاية أبريل 2019.
2/ لم يعد ممكنا الحديث عن حل من خارج دائرة التفاوض بين الأطراف مباشرة أو مستوحى من بعض الأطروحات المتجاوزة، والتي أكدت الأمم المتحدة ومنذ سنة 2007 على استحالة تطبيقها أو التعويل عليها.
3/ جرى تثبيت الجزائر وموريتانيا في وصفهما الجديد كأطراف معنية مباشرة بالنزاع المفتعل وليس أطراف ملاحظة، وجرت الإشارة إلى أنهما معنيين أيضا في المستقبل باقتراح أفكار والبحث عن حلول في سياق الوصول إلى اتفاق متفق عليه ومقبول من الجميع.
4/ تم الإقرار بأن انفصاليي البوليزاريو لا يحتكرون لوحدهم شرعية تمثيلية سكان الأقاليم الجنوبية، وإنما هناك شخصيات منبثقة عن مؤسسات منتخبة أكثر صدقية لأن تمثيليتها منبثقة من صناديق الاقتراع ( أعضاء الوفد المغربي رئيسا جهة العيون الساقية الحمراء وجهة الداخلة وادي الذهب، فضلا عن عضوة بالمجلس البلدي للسمارة ).
5/ بات واضحا أن التكامل الإقليمي والتحديات الاقتصادية والإرهابية التي تفرض نفسها على دول الاتحاد المغاربي لن تتم مواجهتها بنجاعة ما دام هذا النزاع قائما ؛ الأمر الذي أضفى مصداقية على الدعوة المغربية للجزائر بإحداث آلية ثنائية لحل كل القضايا العالقة بين البلدين، والتي للأسف لم تتجاوب الجزائر معها كما يقتضي مستقبل الأجيال الصاعدة في المنطقة .
ولكن كل ما سبق لا يدخل إلا في خانة الإنجازات المعنوية التي لا ترتب آثار قانونية في المستقبل عدا إحداث نوع من التراكمات التي ينبغي تحصينها، والحذر من انتكاسها نتيجة ما يمكن توقعه من أطراف دفعت دفعا إلى الحضور أو من اطراف إقليمية ودولية لها مصالح جمة في بقاء الأوضاع كما هي عليه أو توتيرها إن أمكن.
إن محاولة وزير الخارجية الجزائري التهوين من دلالة حضور بلاده بالقول إنه حضر للتسلية والضحك فقط يمكن أن يستشف منها وجود نية أو إرادة للتنصل من الدخول بجدية في أي مفاوضات مرتقبة، خاصة إذا اقتنعت الأمم المتحدة بنجاعة هذه الآلية الجديدة في مقاربة النزاع.
وفي سياق ما هو معهود من مناورات لدى خصوم الوحدة الترابية، فإن المصلحة الوطنية العليا تتطلب ما هو أكثر من الحذر، إنها تتطلب بدء التفكير في تنزيل مفهوم الحكم الذاتي على أرض الواقع والاستعداد لتطبيقه، ولو من الناحية التشريعية التي ستعكس لا محالة التزام المغرب باحترام طروحاته.
شك أن خطوة كهذه ستساعد في أي توجه دبلوماسي نحو الأمم المتحدة للإقرار بأن "مفهوم تقرير المصير" يمكنه أن يرتدي أشكالا متعددة وليس الشكل التقليدي الذي تختبئ الأطراف المعادية للمغرب وراءه، والذي نصت قرارات الأمم المتحدة نفسها على استحالة تطبيقه بعد أزيد من 15 سنة من المحاولة.