المصطفى لعريبي: تبديد المال العام على ملاعب كرة القدم لتصير قاعات أفراح أو في خبر كان

المصطفى لعريبي: تبديد المال العام على ملاعب كرة القدم لتصير قاعات أفراح أو في خبر كان المصطفى لعريبي

يجمع علماء التدبير مبدئيا على ضرورة إعداد المُخطّطٌات المتكاملة لإنجاح المشاريع الاقتصادية/ التربوية/ الرياضية، ويقرون أن المخطط الذي لا ينبني على التخطيط والتنظيم والتنفيذ والتقييم لن يعرف طريقا للوجود، وإن حدث ذلك فلن تكون ولادته سليمة، ولو تعددت عمليات التجميل لأنه "لا يصلح العطار ما أفسده الدهر".

هذا حال ملاعب كرة القدم بالمغرب وتبديد المال العام: ملعب سطاد فيليب أو ملعب النجوم (ملعب العربي بن امبارك حاليا) تحول إلى ملعب العار، صرفت عليه 13 مليار سنتيم ليتحول إلى قاعة للأفراح ومقرات... ومقاه وموقف للسيارات، نتيجة غياب التتبع عند تنفيذ المشروع، لأنه لا يصلح نظرا للأخطاء الهندسية: مدرجات خطيرة ومنحدرة.

أما ملعب البرنوصي أو ما يسمى بملعب الجماعة، فالمبلغ أكبر من ذلك، النتيجة: ملعب غير صالح لممارسة اللعبة، وسيتم هدمه وإعادة بنائه بتصور جديد بمبلغ 9 مليار سنتيم دون حسيب ولا رقيب.

ملعب العربي الزاولي، المعلمة التاريخية يتحول إلى مأوى للمتشردين ووكر للاعتداءات والسرقة ومبلغ بناء الملعب يتجاوز ملايير السنتيمات.

أما عن الملاعب المصنفة تجاوزا، فالمبالغ المالية المخصصة للبناء والتأهيل تفتقر للرؤية الاستراتيجية للنهوض بالرياضة، حيث الكلفة المالية عالية ولا تعكس حجم الجماهير المتتبعة للمنافسات طيلة الموسم الرياضي، فمثلا:

- تكلفة بناء وتأهيل ملعب فاس تجاوزت 27 مليار سنتيم، في حين أن طاقته الاستيعابية 45 ألف متفرج؛

- تكلفة بناء وتأهيل ملعب طنجة تجاوزت 108 مليار سنتيم، في حين أن طاقته الاستيعابية 69 ألف متفرج؛

- تكلفة بناء وتأهيل ملعب اكادير تجاوزت 85 مليار سنتيم، في حين أن طاقته الاستيعابية 45 ألف متفرج؛

- تكلفة بناء وتأهيل ملعب مراكش تجاوزت 98 مليار سنتيم، في حين أن طاقته الاستيعابية 70 ألف متفرج.

هذا نموذج لتبديد المال العام بالمغرب وقصور التشريعات والقوانين عن زجر مبددي المال العام في ظل دستور 2011 الذي يدعو لربط المسؤولية بالمحاسبة، فالقوانين وحدها لا تكفي لمحاربة الفساد ومتابعة المفسدين، طالما أن قانون التصريح بالممتلكات لم يعرف طريق الأجرأة نظرا لغياب ارادة سياسية حقيقة تنخرط فيها جميع مؤسسات الدولة: مؤسسة الحكومة كجهاز تنفيذي والمؤسسة القضائية والمجلس الأعلى للحسابات والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة.

وللقطع مع هذا الريع نطالب كهيئة حقوقية بأجرأة مراقبة الاختلاسات المتعلقة بالاختلالات التي تعرفها الصفقات العمومية، والاختلاسات المتعلقة بالصفقات الكبرى، وتجفيف منابع الاختلاس عبر اعتماد مقاربة المكافحة الاجرائية  الوقائية، والتي تتسم بالاستباقية، ومن أجل ذلك نقترح :

- اعتماد مقاربة شمولية تشاركية  لتجاوز المقاربة القطاعية في المكافحة؛

- تفعيل أجهزة الرقابة (المفتشية العامة للمالية وباقي المفتشيات القطاعية والمجلس الأعلى للحسابات

- عدم حصر دور أجهزة الرقابة في مراقبة تنفيذ الميزانية، بل القيام  بمهام تطال كل أوجه التدبير المالي العمومي من افتحاص للميزانيات المرصودة ومدى إخضاعها للحكامة المتوخاة، وها هي ملاعب كرة نموذجا.

المصطفى لعريبي، المنسق الوطني للشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام