تشكل الأزمات الناتجة عن تدخل الإنسان، مثل الحروب الأهلية، أحد الأسباب الرئيسية لتدفقات المهاجرين واللاجئين.. ولكن حتى خارج تدفقات اللاجئين، فإن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للنزاعات، بما فيها انعدام الأمن الغذائي والصحي، وعدم الاستقرار السياسي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتنامي الشبكات الإجرامية، قد تدفع إلى الهجرة. حيث انكب المشاركون في اليوم الثاني للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية المنعقد بمراكش، من 5 إلى 7 دجنبر 2018، على تفكيك الموضوع الثالث ببعنوان: "وضع حكامة جيدة للهجرة من أجل تنمية مستدامة"، من خلال تسليط الضوء على محورين رئيسيين: الأول ناقشته الورشة الأولى التي تطرقت إلى موضوع "ملاءمة آليات الحكامة مع الدوافع الراهنة للهجرة"؛ في حين تطرقت الورشة الثانية إلى "التحويلات المالية للمهاجرين: الاستفادة من الأثر الإنمائي للمهاجرين وتعزيز مشاركتهم العابرة للأوطان".
ويوصي المجتمع الدولي بضرورة تقديم المساعدة في حالة الطوارئ بطرق تساهم في التنمية المستدامة، بما في ذلك تمكين المرأة اقتصاديا، وذلك من أجل ضمان انتقال سلس من الإغاثة والطوارئ إلى إعادة التأهيل. وفي نفس الوقت يعتبر المجتمع الدولي النمو الاقتصادي وفرص الشغل اللائق والتنمية المستدامة أمراً أساسياً للوقاية من الكوارث الطبيعية وغيرها من حالات الطوارئ والتأهب لها والقدرة على مواجهتها. لذلك فإن معالجة عدم المساواة المستمرة بين الجنسين في بلدان الأصل والعبور والاستقبال يعد أمرا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة.
ويرى المشاركون في هذه الورشات أن تناول مسألة "الهجرة الاضطرارية"، يقتضي تنفيذ خطة التنمية المستدامة لسنة 2030، والتي تعترف أهدافها بالعلاقة المعقدة بين الهجرة والتنمية؛ كما تشير إلى أن التنمية لا تلغي الحاجة أو الرغبة في الهجرة، بينما تساهم في ضمان أن تتم الهجرة بطريقة آمنة ومنظمة ومنتظمة. وبعبارة أخرى، من الضروري وضع وتنفيذ سياسات تعالج "الهجرة الاضطرارية"، انطلاقا من مضاعفة فوائد الهجرة النظامية من أجل التنمية المستدامة لبلدان الأصل والعبور والاستقبال. وتتجلى هذه الفوائد خاصة في التحويلات المالية والمساعدة الإنسانية وريادة الأعمال والتأثير الاجتماعي-السياسي.
ودعا المشاركون في الورشة الثانية للموضوع الثالث بالمنتدى العالمي للهجرة، إلى دراسة الإمكانيات التي تتيحها سياسات حكومات البلدان الأصلية اتجاه جالياتها بالخارج من أجل مشاركتهم في تنمية بلدانهم ومناطقهم الأصلية أثناء عودتهم إليها، أو من خلال التحويلات التي يقومون بها إلى عائلاتهم. هذا مع العلم أن الحجم الإجمالي لتحويلات المهاجرين بلغ (ما يقارب 500 مليار دولار سنوياً) وارتفاع تكاليف التحويل (حالياً 7.45٪).
وركزت المناقشات على مبادرات ملموسة مثل خطة عمل أديس أبابا بشأن تمويل التنمية الذي يوفر إطارا عالميا جديدا لتمويل التنمية المستدامة عن طريق ملاءمة جميع مصادر التمويل والسياسات مع الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ومن المتوقع أن تساعد هذه المائدة المستديرة في تطوير مجموعة من الخيارات والبدائل والحوافز والتدابير، التي من شأنها تعزيز المشاركة المواطنة للجاليات بالخارج، مع مراعاة حاجيات وأدوار النساء ضمن هذه الجاليات...
كما حددت الطاولة المستديرة الثانية الخاصة بالموضوع الثالث داخل المنتدى العالمي للهجرة، كيفية قيام بلدان الاستقبال بتعزيز التعاون اللامركزي، ومساهمة المهاجرين في التنمية في بلدانهم الأصلية وكذلك في بلدان الاستقبال، من خلال الإجابة على العديد من الأسئلة، أبرزها: إلى أي مدى يعتبر التركيز المفرط على التحويلات المالية عائقا أمام تقييم كيفية استخدام التحويلات المالية لتشجيع المكتسبات الأخرى ذات الصلة بالمهاجرين، والتي يمكن أن تساهم في تنمية بلدانهم الأصلية (مثل الكفاءات المقاولة، الكفاءات المهنية أو المعارف التقنية)؟ وما هي طبيعة التدابير التي من شأنها جذب المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية للمساعدة في تنميتها وتوفير الكفاءات والخبرات المتخصصة في القطاعات ذات الأولوية (مثل مهنيي الصحة في المهجر لدعم النظم الصحية الوطنية، وما إلى ذلك)؟