عبد اللطيف جبرو :نصائح عهد الاستعمار

عبد اللطيف جبرو :نصائح عهد الاستعمار عبد اللطيف جبرو
على امتداد سنة 1955 وهي السنة الأخيرة من عهد الحماية الفرنسية على المغرب كانت بلادنا قد تعرفت على أربعة من المقيمين العامين توالوا على مهام تمثيل فرنسا في الرباط.
كان أولهم هو فرنسيس لاكوست الذي انتهت مهمته في شهر يونيو 1955وبعده جاء دور المقيم العام جلبيرت غرانفال الذي استغرقت ولايته فقط خمسين يوما، من 7يوليوز إلى 26غشت من سنة 1955 وبعده قررت حكومة باريس أن تنقل مقيمها العام بيير بوايي دي لاتورمن تونس ألى الرباط الذي لم تتعد مهامه 70يوما من 31غشت إلى 11نونبر من نفس السنة. وسيكون آخر مقيم لفرنسا بالمغرب هو أندري لوي دوبوا الذي جاء إلى المغرب قبيل عودة الملك محمد الخامس من منفاه إلى عرشه يوم الأربعاء 16نونبر 1955
من هؤلاء الأربعة، كان بيير فوايي دي لاتور واحدا من أخطر أركان الاستعمار في بلادن، وكانت آخر نصيحة وجهها إلى أعضاء الحكومة الفرنسية يوم علم بأنه باشا مراكش التهامي لكلاوي قد صرح يوم 25أكتوبر 1955بأنه ينضم إلى إجماع المغاربة المطالبين بعودة الملك إلى عرشه وكان ذلك التصريح بمثابة سقوط آخر عرقلة لحل الأزمة الفرنسية المغربية.
آنذاك قال فوايي دي لاتور لوزراء فرنسيين: إذا قبلتم هكذا عودة بن يوسف إلى عرشه فعليكم أن تشترطوا بأن تكون هذه العودة في إطار استمرار معاهدة الحماية.
هذا العناد من طرف جينرال فرنسي تعود أسبابه إلى أن دي لاتور كان له حضور عريق في السياسة الاستعمار الفرنسي ، إذ كان من الضباط 
الذين حاربوا مبكرا حركة المقاومة المسلحة في جبال الأطلس وتولى عدة مهام عسكرية وإدارية بالمغرب وكان يتحدث بعدة لهجات مغربية.
الجنرال جوان المقيم العام الفرنسي المعروف بعدائه للمغاربة وملكهم المحبوب محمد الخامس رحمه الله كان قد استقدم فوايي دولاتور من مهام عسكرية كان يتولاها في أوروبا ليكون مساعده في الإقامة العامة مكلفا بالشؤون السياسية.
وعندما انتهت مهمة الجنرال جوان وحل محله الجنرال غيوم قدم له فوايي دو لاتور تقريرا مفصلا عن الحالة السياسية بالمغرب آنذاك في نهاية صيف 1951
ومما جاء في ذلك التقرير نصيحة سياسية مفادها أن من مصلحة الإدارة الفرنسية بالمغرب أن تعمل على تأسيس حزب يكون هو كذلك حزبا وطنيا لكن بدون تبعية لما يتميز به حزب الاستقلال من إفراط وتعصب، حزب تكون له صراحة توجهات يسارية راديكالية ويتبنى الاشتراكية المعتدلة مع استبعاد طبعا كل نزعة شيوعية. ولن يكون بأي حال حزبا بورجوازيا بل حزب يمتاز باستقلالية القرار يطرح برامج إصلاحية جريئة لا علاقة لها بالأفكار الدينية والعدائية ضد الوجود الفرنسي، وهذا الحزب سيعمل بكل حرية لساعدتنا في البحث عن الحلول الصالحة لمشاكل المغرب.
هكذا إذن كانت بداية حكاية الأحزاب الإدارية في الحياة السياسية المغربية.