سعيد الكحل:خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب "سيد قطب" على شارع بطنجة

سعيد الكحل:خلفيات إطلاق اسم منظّر الإرهاب "سيد قطب" على شارع بطنجة سعيد الكحل
تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبرا مفاده أن مجلس مدينة طنجة أطلق اسم "سيد قطب"شيخ المتطرفين وملهم التكفيريين ومحرّض الإرهابيين على قتل الأبرياء وتخريب الأوطان وتمزيق المجتمعات، على أحد أزقتها احتفاء به وتطبيعا مع عقائد التكفير وثقافة الكراهية وفقه القتل والتفجير. وأكد موقع "أنفاس بريس" وجود زنقة تحمل هذا الاسم بالمدينة. وما دام الأمر كذلك، فوجب التنبيه إلى التالي:
1 ـ حزب العدالة والتنمية لم يقطع مع جذوره التكفيرية وروابطه الإيديولوجية مع تنظيم إخوان المسلمين . فرغم تحمله مسئولية رئاسة الحكومة للولاية الثانية ،إلا أنه ظل مشدودا إلى أصوله الفكرية والإيديولوجية الإخوانية.
2 ــ إن حزب العدالة والتنمية يثبت كل مرة أنه حزب ديني غايته أسلمة الدولة والمجتمع وضرب أسس الدولة المدنية عبر اعتماد إجراءات وقوانين تمس مدنية الدولة وتروم التأسيس لدولة دينية تستمد كل تشريعاتها من النموذج الإخواني للحكم . فمنذ تأسيسه ظل الحزب وفيا للإستراتيجية التي حددتها حركة التوحيد والإصلاح، وفي مقدمتها "أسلمة الدولة".
وقد جاءت أطروحة المؤتمر6 للحزب واضحة في تحديد مداخل هذه الأسلمة بتوظيف المؤسسات المنتخبة والآليات الديمقراطية كالتالي (الاشتغال على قضايا المرجعية والهوية والقضايا الأخلاقية وجب أن يتم ضمن آليات الاشتغال وأدوات الخطاب السياسي أي باعتبارها من قضايا السياسات العمومية مما يقتضي التركيز على مقاربتها مقاربة قانونية وتشريعية ورقابية . فمقاربة الحزب لقضايا الهوية والأخلاق تتم بترجمتها إلى إجراءات عملية ومقترحات مفصلة مع آليات التنفيذ ، وهو ما يعني اقتراح سياسات عمومية في إطار برامج سياسية تطرح ديمقراطيا ضمن المؤسسات المنتخبة ذات الصلاحية ) . ولعل القارئ الكريم لاحظ أن إطلاق اسم منظّر التطرف والإرهاب "قطب" على أحد شوارع طنجة تم "بطريقة ديمقراطية" ، بحيث وظف الحزب المجلس الجماعي المنتخب في اعتماد هذا الاسم بإشراك مكونات هذه الهيئة الرسمية.
3 ــ إن حزب العدالة والتنمية يدين بالولاء لتنظيم الإخوان ويقتدي بمُنَظّريهم ويتخذ منهم رموزا له ومراجع إيديولوجية لأعضائه. ومادام الأمر كذلك ، فالحزب تنكّر لتاريخ المغرب ولرموز الكفاح من أجل الاستقلال ولأقطابه العلمية والفكرية التي ساهمت بفعالية في ضمان واستقلالية الهوية الفكرية والفقهية والفلسفية للشعب المغربي عن شعوب الشرق العربي . إنها إستراتيجية الأخونة التي تروم طمس الهوية الأصلية للشعب المغربي عبر طمس ذاكرته التاريخية .
4 ــ إن إطلاق اسم "سيد قطب" على شارع بطنجة هو سعي الحزب إلى جعل المغاربة يطبّعون مع رموز الإرهاب ومنظّريه الذين أشاعوا الفتن في مصر وبقية الدول الإسلامية.
ففي الوقت الذي تحظر فيه مصر ودول الخليج كتب شيخ الإرهابيين هذا وتصادرها لما تشكله من خطر على أمنها، نجد الحزب، عبر منتخَبيه، يتخذ من هؤلاء المتطرفين ودعاة الكراهية رموزا له يطلق أسماءهم على الشوارع .
5 ــ تكامل المخطط التخريبي الذي يستهدف النسيج المجتمعي للشعب المغربي . فبعد تسمية شوارع عديدة بمدينة أغادير بأسماء فلسطينية، ثم استقدام دعاة الكراهية والتكفير وتحقير النساء، وكان آخرهم عمر عبد الكافي، جاء قرار إطلاق اسم منظّر الإرهاب والتطرف كمقدمة لإطلاق أسماء منظّرين تكفيريين آخرين على شوارع المدن المغربية. وسبق أن تصدت وزارة الداخلية لمشاريع قوانين في عدد من المدن الغاية منها فرض نمط مجتمعي غريب على الشعب المغربي حاول إخوان الأردن تطبيقه في تسعينيات القرن الماضي فكان حتْفهم السياسي .
6 ــ إن إطلاق اسم منظر التطرف والإرهاب على شوارع المدن ، وقبله استقدام دعاة الكراهية وأعداء المرأة ( العريفي، عبد الكافي) هو خرق سافر للدستور الذي يجرّم التحريض على الكراهية والتمييز بين المواطنين .وسكوت الدولة على هذه الخروقات الفظيعة، هو من جهة تشجيع على مزيد من الخرق والتعطيل للدستور، ومن جهة ثانية، فتح الباب أمام التيارات التكفيرية لتغزو المجتمع من جديد بعد أن نجحت الدولة في تطويقها وتجفيف منابعها.
لهذا، يكون لزاما على الدولة أن تتعامل بحزم مع كل الممارسات التي تستهدف وحدة النسيج المجتمعي وذاكرته الوطنية والتاريخية.