مصطفى حمزة: أغاني القرويات بالأرياف المغربية

مصطفى حمزة: أغاني القرويات بالأرياف المغربية ذ.المصطفى حمزة
تشكل أغاني القرويات، مصادر مهمة للباحثين والمهتمين بالعلوم الإنسانية، وذلك بما تحتوي عليه من حمولة معرفية قيمة، تهم بالأساس نمط الحياة بالأرياف المغربية، يمكن أن تفيد المؤرخ، وعالم الاجتماع، وعالم الاقتصاد...، ومع ذلك، فإن الاهتمام بهذا الجنس الأدبي الشعبي، لم يحظ بعد باهتمام مهم من طرف الباحثين والمهتمين بالتراث الشعبي.
وسنحاول من خلال هذه الورقة، أن نقدم بعض النماذج من أغاني القرويات ببلاد أحمر مع حمولتها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية...
فبالرجوع إلى أنماط أغاني القرويات ببلاد أحمر، نسجل الحضور القوي لمظاهر الحياة القروية، بما فيها نمط العيش، اللباس، التقاليد والعادات، الأفراح والأتراح، السلطة، العلاقات الحميمية...هذا إلى جانب استحضار التاريخ والزمان والمكان... وأمجاد ومناقب الأسروالأولياء...
فعادة ما نجد هذه الأغاني تستحضر فترات تاريخية معينة بأحداثها وشخوصها، فمن خلال النموذج اسفله، نجد هناك إحالة إلى فترة الحماية الفرنسية بالمغرب، وإلى الحرب العالمية الأولى والأسلحة التي استعملت خلالها، ونوعية اللباس الأوربي، إضافة إلى معاناة المغاربة...إذ تترجم الأغنية إرغام فرنسا للمغاربة على المشاركة في الحرب، إذ كانت تأخذهم بالقوة من الأسواق والحقول دون علم أهلهم، وتبعث بهم إلى جبهات الحرب، والرفض المغربي يتجلى بعد السؤال عن الغائب ( المغيب ) في رفض ارتداء اللباس الأوربي...
واه يا روبلا(4) كان شتي خيي بوعزة
را الطربوش ما شي رزة(5)
واه يا روبلا كان شتي خيي بوعزة
را الكبوط ما شي جلابة
واه يا روبلا كان شتي خيي بوعزة
را السباط ماشي بلغة
وغالبا ما كانت الرسائل المشفرة، وسيلة للتواصل داخل الأسر القروية، وهو ما يعبر عنه النموذج أسفله، فأمام ضعف القدرة على التعبير عن الرغبات أمام رب الأسرة، والخوف من ردود فعله العلنية، كان أفراد الأسرة يلجؤون إلى هذا النوع من الرسائل.
كالت ليك الفارة واهيا عم الفار
جيب لي شربيل(1) باش نهود للبير
كالت ليك الفارة واهيا عم الفار
جيب لي سبنية(2) باش نغطي ودنية
كالت ليك الفارة واهيا عم الفار
جيب لي ايزار(3) فاش نجمع الغمار
كالت ليك الفارة واهيا عم الفار
فقد عاشت الأسر القروية ولا زات في الكثير من القرى المغربية، داخل مجموعات كبيرة تضم أكثر من أسرة يكون الأخ الأكبر هو المشرف عليها والمدبر لأمورها، وباقي الإخوة بطبيعة الحال يساعدونه ويسايرونه فيتسع الطموح وتكبر الأماني والاعتزاز بالانتماء إلى أسرة الفلانية...
واه يالخاوة ما صاب لي لمكم
او دير القايد منكم
واه يالخاوة ما صاب لي لمكم
او دير الشيخ منكم
واه يالخاوة ما صاب لي لمكم
او دير المقدم منكم
إن ما تعج به هذه الأغاني القروية، من حمولة معرفية، يشكل وثائق غنية ذات طابع شفاهي، في حاجة إلى تدوينها، ليستفيد منها المهتمون بالعلوم الإنسانية.
تفاصيل أوفى تقرؤونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن " المتوفر بالأكشاك
                                                                        - المصطفى حمزة :أستاذ باحث في التاريخ/ التراث.