رشيد لزرق: من أين سيتم تمويل الإجراءات الاجتماعية حسب قانون المالية 2019 والميزانية فارغة؟

رشيد لزرق: من أين سيتم تمويل الإجراءات الاجتماعية حسب قانون المالية 2019 والميزانية فارغة؟ رشيد لزرق

مشروع قانون المالية جاء بإجراءات اجتماعية ترقيعية، الغاية منها فقط ما تحاول بها الحكومة تجاوز المرحلة، في غياب تام لإبداع حكومي متكامل.. وهي بذلك لا تغدو أن تكون هذه الإجراءات مسكنات مرحلية، قد تؤجل الاحتقان الاجتماعي، ولن تنهيه. والحال أنه كان يقتضي من الحكومة نهج مقاربة جوهرية، وتبني حلول شاملة تروم خلق الشغل، والاعتناء بالفئات الشعبية، عبر توزيع الدعم لمستحقيه.

صحيح أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تخفف من وطأة انعكاسات سياسة بنكيران القاسية والملهبة التي أجهزت على القدرة الشرائية وأدت إلى الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية، وهي بالتالي إجراءات كانت تستدعي من الحكومة اعتماد برنامج اجتماعي يتماهى مع الاقتصاد الوطني وعدم الاكتفاء بالسياسات الترقيعية والإصلاحات الظرفية.

وهذا يدفعني إلى القول بأن الأزمة الاجتماعية أعمق من مجرد الحديث عن إصلاحات ظرفية لتخفيف وطأة الضغط الشعبي على الحكومة، فارتفاع نسبة التضخم، وارتفاع البطالة وارتفاع نسبة المديونية، كلها مؤشرات تنبئ بالوصول إلى مرحلة الخطر.

الحكومة مدعوة إذن إلي تبني حزمة إصلاحات هيكلية تشمل إصلاح منظومة الوظيفة العمومية، والمؤسسات العمومية، والمنظومة الجبائية، ومنظومة الدعم.

كما أن الإجراءات التي تم الإعلان عنها في مشروع القانون المالي، وما تضمنته من القرارات الاجتماعية، وإن كان من المأمول أن تسهم في التخفيف من وطأة الاحتجاجات.. لكن يبقى مع ذلك السؤال الجوهري قائما، وهو: من أين سيتم تمويل هذه الإجراءات، خاصة وأن الحكومة تشكو عجزا فادحا في ميزانية الدولة، تفاقم جراء تقلبات أسعار البترول دوليا؟

- رشيد لزرق، خبير في الشؤون الدستورية والبرلمانية