رضا الفلاح: ثرثرة الأحكام الجاهزة في تحليل السياسات الخارجية

رضا الفلاح: ثرثرة الأحكام الجاهزة في تحليل السياسات الخارجية رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير

لا يمكننا فهم و تفسير سياسات الدول الخارجية بالاعتماد على أحكام القيمة و المعايير الأخلاقية أو الإنسانية أو تمثلات معينة لمفاهيم كالعدالة أو الإنصاف.. ذلك لأن هذه الأحكام لم تتشكل في تمثلاتنا بشكل عفوي و محايد بل هي منتوج عملية تسويقية محكمة لصناعة الإدراكات مهمتها التوسط في فهمنا للعالم.

مثال على ذلك السياسة الخارجية السعودية، فلا هي أسوأ و لا هي أكثر نذالة من أي سياسة خارجية أخرى في العالم. لكن ربما ما يجعلها تبدو كذلك لدى البعض هو كونها أكثر عرضة لمحاكمة النوايا بناءا على شعارات أخلاقية لا تعبر بالضرورة عن الحقيقة بقدر ما هي انعكاس لانطباعات قد تكون خاطئة وبالأخص في غياب الدليل و البرهان الواضح.

في الواقع، ما يساعدنا على الفهم هو طرح السؤال التالي: هل تنهج الدولة (أيا كانت) السياسة الخارجية التي ستمكنها بشكل ناجع و فعال من تعظيم مكاسبها و مكاسب حلفاءها ؟ لأن المبدأ الأخلاقي الأسمى لدى الدول هو الحفاظ على بقاء الأمة الذي يعني أيضا بقاؤها و استمرارية قدرتها على تحقيق مصالحها العليا، حتى و إن زينت و جملت سياستها بالشعارات الأخلاقية أو بأكسسوار  Accessoire خدمة قضايا إنسانية.

قبل أن نستفيق من الأوهام، كل هذه الشعارات ليست في مجال تحليل السياسة الخارجية إلا وقود لثرثرات فارغة و أماني حالمة !!