الوزير يتيم.. من الجهاد في شوارع باريس الى الجهاد في تمرير مرسوم مشوب بعدة عيوب

الوزير يتيم.. من الجهاد في شوارع باريس الى الجهاد في تمرير مرسوم مشوب بعدة عيوب بوعزة كريم، و الوزير يتيم
في الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة أن يقدم محمد يتيم وزير الشغل والإدماج المهني، استقالته من الحكومة وتقديم اعتذار رسمي للهيئات الناخبة التي منحته صوتها جراء الفضيحة التي ظهر فيها بشوارع وأزقة باريس مع شابة تصغره بسنوات "مدلكته"، تقدم يوم الإثنين 9 أكتوبر 2018 أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بالغرفة الأولى "مجلس النواب"، بمشروع مرسوم قانون رقم 2.18.781 يتعلق بإحداث مؤسسة عمومية جديدة تحت إسم الصندوق المغربي للتأمين الصحي، تحل محل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. وكانت الحكومة قد صادقت على مشروع المرسوم في اجتماع مجلسها الخميس 4 أكتوبر 2018.
وتأتي هذه الخطوة المتسرعة من طرف وزير الشغل، لتمرير مشروع المرسوم بطريقة سلسلة، مستغلا بذلك غياب البرلمانيين والمستشارين الذين سيستأنفون عملهم في 20 أكتوبر من هذه السنة خلال افتتاح الدورة التشريعية من طرف الملك، معتمدا في طرحه على الفصل 81 من الدستور الذي يخول للحكومة إمكانية إصدار مراسيم قوانين في الفترات الفاصلة بين الدورات، شرط الاتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين ووجوب عرضها على المصادقة من طرف البرلمان خلال افتتاح الدورة العادية، إلا أن يقظة البرلمانيين "باستثناء نواب فريق العدالة والتنمية" كانت في المستوى المطلوب بعدما طالبوا الوزير بالتريث في مناقشة مثل هكذا قوانين التي تقتضي نقاش معمق ومطول لفهمها والتصويت عليها.
وتبقى المذكرة التي تقدم بها وزير الشغل والإدماج المهني بخصوص مشروع المرسوم رقم 2.18.781 الذي سيعوض مرسوم إنشاء الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي "كنوبس"، تجيب عن نفسها من خلال إقرارها بقصور الصندوق لمدة 13 سنة في تطبيق المقتضيات المتعلقة بحكامة نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لفائدة المأجورين وأصحاب المعاشات وذوي حقوقهم بالقطاع العام، والطلبة بالقطاعين العام والخاص، وكذا ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان للفترة الممتدة من 1956 الى 1999. الشيء الذي يثير الاستغراب والتساؤل حول إحداث صندوق جديد وطي صفحة الصندوق السابق الذي تعتريه اختلالات كبيرة وعجز وصل الى أرقام قياسية عملا بسياسة "عفى الله عما سلف"، إذ نجد أن السيد الوزيد نصب نفسه مدافعا عن فشل مدير "الكنوبس" الذي يقتضي محاسبته ومساءلته بدل إنشاء مؤسسة عمومية جديدة، وهو ما يتعارض مع مبادئ الدستور خاصة في فصله الأول الذي يقر بربط المسؤولية بالمحاسبة، فكما أن الدستور يقر بتقديم مشاريع مراسيم في الفترات الفاصلة بين دورات البرلمان هو نفسه الذي يقر بمحاسبة مبددي المال العام وتقديم المتورطين الى القضاء وربط المسؤولية بالمحاسبة وأن الجميع سواسية أمام القانون.
وتطرح إشكالية الاختصاص مطروحة بشكل كبير في تقديم مشروع المرسوم رقم 2.18.781  الذي تقدم به "محمد يتيم" وزير الشغل والإدماج المهني، إذ يسند اختصاص إحداث المؤسسات العمومية إلى السلطة التشريعية طبقا للفصل 71 من دستور2011، لكن المشرع الدستوري لم يبين ما اذا كان الأمر يتعلق بأنواع المؤسسات العمومية أم أن المشرع يختص بتحديد الأنواع وكذلك إحداث هذه المؤسسات على أرض الواقع وهي عملية مرتبطة بطبيعتها بالسلطة التنظيمية، على عكس ما ذهب إليه الفصل 34 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 الذي ينص على أن السلطة التشريعية تختص في تحديد أنواع المؤسسات العمومية، وبذلك تركت المجال للسلطة التنظيمية لخلق هده المؤسسات في إطار الأنواع التي أشار إليها المشرع وفي حدود قوانينها.
بوعزة كريم/ باحث في القانون العام