خالد الشرقاوي السموني: هل سيتصدى الكونغرس الأمريكي لمخطط إيران التوسعي؟

خالد الشرقاوي السموني: هل سيتصدى الكونغرس الأمريكي لمخطط إيران التوسعي؟ خالد الشرقاوي السموني

تقدم أعضاء من الكونغرس الأمريكي –اثنان من الحزب الجمهوري وواحد من الحزب الديموقراطي– بمشروع قانون يدين التواطؤ بين جبهة البوليساريو وحزب الله، وكذا مرامي إيران لزعزعة استقرار شمال أفريقيا ويؤكد على العلاقات الجيدة والتاريخية التي تجمع الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب.

فقد لوحظ في السنوات الأخيرة أن هناك أهدافا إيرانية للهيمنة على مناطق استراتيجية بأفريقيا وزعزعة استقرار وأمن شمالها للتحكم في سياسات بلدانها ونشر المذهب الشيعي بها، تجلى ذلك من خلال حضورها المكثف والقوي في عدد من الدول الافريقية التي نسجت معها علاقات اقتصادية وثقافية ودينية.

 هناك أيضا مخطط لإيران أن يكون لها منفذ في الصحراء المغربية يطل على المحيط الأطلسي لتقوية دورها العسكري ومراقبة التحركات الأمريكية، مما جعلها توظف حزب الله كي ينسج علاقات مع حركة البوريساريو الانفصالية التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية. ولذلك فإن أمريكا فطنت بهذا الدور الإيراني الاستراتيجي الخفي والخطير في شمال أفريقيا .

ولا شك أن علاقة حزب الله مع البوليساريو تشكل خطورة على استقرار ووحدة المغرب الذي لن يكون إلا مساندا لهذا المشروع المعروض أمام الكونغرس الأمريكي، خاصة وأنه يؤكد لا محالة على العلاقات القوية والتاريخية التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية بالمملكة المغربية، وهي علاقات صداقة مبنية على التضامن والتعاون الاستراتيجي للدفاع عن المصالح المشتركة للبلدين.. كما أن المغرب كذلك يلعب دور استراتيجي في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل وشمال أفريقيا، وأن إيران تسعى إلى زعزعة استقرار دول المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.

فإيران تسعى جاهدة إلى كسب تحالفات إقليمية جديدة بشمال أفريقيا تقوم على أسس سياسية واقتصادية وثقافية ودينية. ولعل التحالفات والعلاقات الاقتصادية والثقافية التي تبنيها إيران مع دول المغرب العربي، لا سيما ليبيا والجزائر، تسعى من ورائها إلى التوسع في أفريقيا.

وتعد ليبيا من الدول المهمة والمستهدفة من قبل إيران طوال عهد الرئيس معمر القذافي، الذي اعترف بثورة الخميني عام 1979، ووقف مع إيران في حربها مع العراق من سنة 1980 إلى سنة 1988. وقد تجلى ذلك من خلال التشيع المتزايد داخل الأوساط الشبابية في عهد القذافي، إلا أن السلطات الليبية استطاعت في السنوات الأخيرة توقيف موجة التشيع الإيرانية، بعد احتجاج المسلمين السنيين.

وتعتبر الجزائر نقطة ارتكاز الحضور الإيراني في دول المغرب العربي وبوابة تفتح نحو أفريقيا. فإلى جانب العلاقات المميزة بين البلدين في المجال الاقتصادي، خاصة الطاقة، سعت إيران إلى توطيد علاقاتها الثنائية مع الجزائر في المجال السياحي. وفي بداية التسعينيات عندما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات البلدية، حصل تحول في علاقة النظام الجزائري العسكري بإيران، حيث قطع معها العلاقات، متهما إياها بدعم الجبهة الإسلامية. وظلت العلاقات جامدة حتى جاء الرئيس بوتفليقة وتم استئنافها، حيث ازدهرت العلاقات بين البلدين، وقد تجلى ذلك في إبرام 19 اتفاقية للتعاون في المجال الزراعي والصناعي والعلمي والثقافي، وفي مجال البناء والمياه والطاقة والمجال النووي.

وبالنسبة إلى المغرب، فقد استأنفت العلاقات المغربية الإيرانية في ديسمبر 2014، بعد قطيعة دبلوماسية دامت 6 سنوات منذ سنة 2009 بسبب اتهام السلطات المغربية لإيران بمحاولة التدخل في الشؤون الدينية للمملكة. غير أن الخارجية المغربية أعلنت، مؤخرا، عن قطع العلاقات مع إيران بسبب تورطها وحليفها حزب الله اللبناني في إرسال أسلحة إلى جبهة البوليساريو لتحضير عمليات عدائية ضد المغرب.

وهكذا يتبين أن إيران تعمل وفق خطة استراتيجية توسعية في كثير من أنحاء العالم لتحقيق حلم الإمبراطورية الفارسية الكبرى، التي تريدها أن تنتهي في غرب أفريقيا (المغرب) وتطل على المحيط الأطلسي.

- خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية