صافي الدين البدالي: الفساد السياسي والمالي هما أخطر من الإرهاب 

صافي الدين البدالي: الفساد السياسي والمالي هما أخطر من الإرهاب  صافي الدين البدالي

 أثبتت التقارير الدولية والدراسات التي أنجزتها منظمات دولية غير حكومية، كالهيئة الأممية لمكافحة الفساد، بأن الفساد السياسي هو أصل كل أنواع الفساد التي تنخر المجتمع، والتي تحول دون أي تحول ديمقراطي حقيقي، لأنه يشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الاجتماعي وللعدالة الاجتماعية، وهو أخطر من الإرهاب، لأنه ملازم للمجتمع سلوكا وممارسة. وتتجلى مظاهره في رغبة المسئول في الحصول على امتيازات ومكاسب مادية دون أن يكون له الحق فيها. فالفساد السياسي هو الذي يساعد على تفشي مظاهره، لأنه يرعى خرق القوانين لحسابات حزبية أو قبلية أو عرقية أو عائلية، وفي مقدمتها القوانين الانتخابية لأنها تعتبر المدخل الرئيس للتحكم في القرارات وفي إفراز مؤسسات ضعيفة تساهم في حماية الفساد المالي والإداري والفساد الأخلاقي. وإنه، أي  الفساد السياسي، هو الموجه في التقطيع الانتخابي حتى يضمن للأعيان والمقربين من الدوائر العليا من الفوز في الانتخابات كرها أو طوعا، إما بالمال أو بالترهيب والتخويف أو بالإقصاء.. وذلك هو المدخل الأساسي لتفشي مظاهر الرشوة والمحسوبية والواسطة واختلاس المال العام وتبديده .

وبشكل عام، فإن الفساد السياسي يعكس بشكل جلي كل الممارسات المشبوهة والمريبة، السياسية والاقتصادية والإدارية، وهو أصل كل الأعمال والتصرفات الخارجة عن القانون وعن الأخلاق السياسية. وإن ما تعرفه بلادنا من تخلف تنموي، اقتصادي واجتماعي، هو نتيجة الفساد السياسي، والذي كان سببا في إفلاس المنظومة التعليمية وفي ضرب مجانية التطبيب وفي  تفشي البطالة والبؤس واليأس والإحباط وسط الشباب، وفي تفشي الجريمة والتطرف؛ لأن الزعماء الحزبيين والمسئولين عن الشأن العام و الشأن المحلي، ظلوا يحافظون على مواقعهم في البرلمان وفي الحكومة، من أجل أبنائهم ونسائهم وصاحباتهم ليرسموهم(ن) في المناصب المهمة خارج  التباري ودون الإعلان عنها، لأنها تدخل في الريع السياسي، وقد خلقوها عبر المؤسسة التشريعية التي دخلوها من باب الفساد الانتخابي.

وإن من مظاهر الفساد السياسي، تلك التوافقات الحكومية مع المعارضة والأغلبية، ضدا على مصالح المواطن والوطن، وإلا كيف نفسر التستر على جريمة نهب 1700 مليار سنتيم المرتبطة بالمحروقات، ويظل المواطن المغربي يكتوي بأسعارها التي تزداد ارتفاعا، والمحمية من طرف الحكومة وأغلبيتها ومعارضتها؟ وكيف نفسر التستر الممنهج عن نهب 41  مليار درهم المخصصة للبرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين؟ وكيف نفسر التستر على فضيحة ميناء أسفي الجديدة الذي خصصت له 4 ملايير درهم، حيث تبين أن هناك تلاعب في الصفقات وفي المراقبة والتتبع؟ وكيف نفسر أن أنشطة الريع تكبد المغرب خسارة تتجاوز 20 مليار درهم، أي ألفي مليار سنتيم؟ و كيف نفسر حماية أنشطة الريع من القانون حتى يتمكن أصحابها من اللوبي المالي والمقربون من مراكز النفوذ خلق الثروات وتنميتها، في منأى عن أي مراقبة أو منافسة، مفوتين على الدولة آلاف الملايير سنويا.

أليست هذه المظاهر من مظاهر الفساد السياسي؟ وإن الجواب عن هذه الأسئلة هو النظام الحامل للفساد السياسي في شتى المجالات.

- صافي الدين البدالي، فاعل حقوقي وسياسي