محمد المرابط: هل يستجيب الديمقراطيون في حراك الريف لصفاء ذاكرتهم النضالية؟

محمد المرابط: هل يستجيب الديمقراطيون في حراك الريف لصفاء ذاكرتهم النضالية؟ محمد المرابط
ما زلت في رفقة الأستاذ جمال المحدالي؛ كما وعدت في مقال:"هل أزمة حراك الريف من أزمة البوشتاوي والمحدالي؟"، فالرهان على الرجل، كما الرهان على مناضلي منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومثقفي النهج الديمقراطي والاتحاد الاشتراكي، والاشتراكي الموحد،و الديمقراطيين المستقلين، والحركة الثقافية الأمازيغية، مطلوب وبوظيفية أكبر في الحسيمة.
إذ في تقديري أن مقترب الحراك يجب أن يؤسس على المشترك الجمعي لمختلف الفاعلين لمواجهة آفات الظلال السلبية المرتبطة بالحراك، وفي طليعتها المتربصين بالحراك باسم الحراك.
والتمكين لهذا الأفق يمر عبر التبصير الذاتي بالمطبات المعيقة في هذا الإنجاز،وكذلك الالتفات إلى الذين يبغونها عوجا،لعل بعض الوجوه التي نحسبها،على صغر سنها النسبي، من ذوي الفضل،تستعيد حياءها على الأقل.أما الذين سيركبون موجة التنطع فلن يضروا الله شيئا.
لذلك فإطلالة، اليوم، على هذا الأفق، ستكون انطلاقا من نافذة الأستاذ المحدالي، بإتمام ما جاء في رده،ثم الانعطاف إلى محبيه إما بجامع الفلسفة،أو بجوامع أخرى،لعل حس المسؤولية انطلاقا من وعي المحدالي تتسع نواته، ليشمل كل مداراته.ما عدا ذلك،فكما أنه لم ينل منا ،من قبل،لا تكفير الأصولين، ولا تهديدهم بالاختطاف والاغتيال، فكذلك لن تنال منا اليوم، أراجيف من هم في مرمى منطق القبيلة، نعرف سرهم ونجواهم.لذلك فالذين يستبيحون ذمة الغائبين خصوصا في نواديهم المغلقة،ينسون أن منطق العصبية نفسه سيكرس المزيد من الانقسامية في قبيلة بني ورياغل، وبينها وبين القبائل الأخرى في الريف الأوسط ،وبين القوى الديمقراطية،على فرض أن هؤلاء منها.وأنا في هذا القوس المفتوح استحضر مادة للرفيق علي بلمزيان:"مخلوقات غريبة الأطوار!".
بقيت ثلاثة جوانب في التعقيب على الأستاذ المحدالي.فأنا أولا، لما يتهمني وموقع "أنفاس بريس" بـ"السنطيحة"،لاستعمال مفاهيم في العلوم الإنسانية في توصيف ظواهر الحراك، وتمظهراته، فهل مرد هذا التهجم لاعتبارات معرفية، أم لخشيته من كون هذا الاستعمال/القراءة، لن يصادر على مطلوبه السياسي؟مع احتمال أنه يخشى على التشويش على رهان معين يسهر عليه من خلال تواجده في جمعية تافرا.وهذا ما يفسر ثانيا اتهامه لي باستهداف هذه الجمعية وناصر الزفزافي ووالده، والادعاء بأنني أكرس الرواية الرسمية حول إضراب الزفزافي- في حين أنني أخضعت هذا الإضراب للتأويل بعيدا عن رواية إدارة السجون- لعله يفلح بهذا الدس في تأليب رأي عام معين ضدي ليلتقي بهذا مع الجمهوريين ،وهذا لا يليق بمقامه،علما أن موقفي من جمعية عائلات المعتقلين إيجابي للغاية،أما اعزي أحمد الزفزافي، فقد نصحته بالكف عن كتابة المناقب لناصر، فاللحظة هي لدعم صمود كل المعتقلين،وتوحيد جهود الإفراج عنهم.كما نصحته بالكف عن استحضار التاريخ بغاية تغذية أحاسيس الصدام مع الدولة.أيضا نصحت ناصر بالكف عن اندفاعه.ولا أعتقد أن في هذا النصح ما يشين،فحتى ناصر وقد تحققت له رغبة الاجتماع مع رفاقه، سيتطور كثيرا حتى على المستوى الإنساني.وأنصحه بالمناسبة بمتابعة دراسته.فناصر لكي ينتقل من زعيم بالصدفة إلى زعيم بالضرورة، كما يريد له محبوه،عليه أن يكون من محبي الحكمة.وستكون علامة نضجه الفكري والإنساني يوم يجالس الرفيق علي بلمزيان.
وبالجملة، لقد حاول الأستاذ المحدالي الإجهاز علي بالضربة القاضية ومنذ الجولة الأولى، ولم يراع ضعفي وقد تجاوزت الستين.كما حاول ثالثا استغفالي في السجال،وهو يطالب الدكتور التدموري بتحديد المراد من تدوينته، والحال أن التدموري تجاوز الموضوع بعد تدخل ذوي الفضل عقب تدوينته الثانية والتي أطل منها على غسيل الثمانينيات، فالتزم بالانشغال بالأهم على ضوء تحديات المرحلة،وهو مسدد في ترتيب الأولويات.وقد بارك الأستاذ البلعيشي هذا التوجه.ومن ثم لا يعني استنكاف التدموري عن العودة إلى الوراء،أن قراءتي لتدوينته حسب دلالة السياق،لم تكن سليمة.
وسيلاحظ القارىء أن تعقيبي على الأستاذين جمال أمزيان وجمال المحدالي هو أقرب إلى العتاب منه إلى أي شيء آخر،بصرف النظر عن نوايا "النفاثات في العقد"من حولهما.وبهذا أعتقد أننا ربحنا الأستاذ المحدالي لأفق عمل عريض في صلبه جمعية تافرا،مع ثلة من أجيال النضال الحقوقي والثقافي في الريف.وبما أن الأستاذ جمال أمزيان متوجس من أجندتي كما يسميها فأسدل ستار نافذته عن العالم،فأنا أمنحة من باب معزتي له،موقعي في مجموعة العمل من أجل الريف وكل الوطن ،ليفصح عن عمق أجندته،بدون مواربة.أما أنا فيكفيني موقعي كمتتبع للحراك،ومواقفي معروفة،عسى أن يرسو هذا الحراك في النهاية بجهود الجميع،وفي طليعتها قيادته في سجن عكاشة، على مرفإ مبارك.
بقي في سياق هذه المتابعة،إلقاء الضوء لاحقا على القناع الأصولي،في لعبة تقاطع الجمهوريين والمخزن،في موضوع الحراك.فمن حسنات النقاش العمومي،أنه يذيب كل الشوائب المرتبطة بالحراك،سواء تسترت بأذيال التروتسكيين أو بـ"البديل الحضاري".ولن يصح في النهاية إلا الصحيح!