حبيبي: لماذا علينا أن نثق في رجال التعليم الذين يحملون جمرة الوطن في قلوبهم

حبيبي: لماذا علينا أن نثق في رجال التعليم الذين يحملون جمرة الوطن في قلوبهم عبد الإله حبيبي. وأطفال يتكبدون المعاناة لانتزاع حق صفة تلاميذ

ماذا لو يقرأ الوزير مقالا صحفيا يشخص مشكلة التعليم انطلاقا من ظاهرة الساعات الإضافية وعلاقتها بنقط المراقبة المستمرة، وخاصة عندما يقرأ تواطأ المفتشين، أي بمعنى آخر تورطهم في ترسيخ هذه العادة الرديئة، حتما سينظر الوزير إلى المدرس والمفتش ك"نصابين" يتقنان بيداغوجية النصب على التلاميذ لسرقة جيوب الآباء في سياق فرض دروس خصوصية تعطى فيها التمارين التي سيمتحن فيها التلاميذ خلال فروض المراقبة المستمرة...

مثل هذه الكتابات وعلى الرغم من قوتها وصدقيتها وجرأتها في فتح ملفات التعليم المظلمة، فإنها تظل غير منصفة عندما تضع الجميع في سلة واحدة، وتصدر حكما عاما يطال كل العاملين في هذا القطاع سواء من هيأة التدريس أو من هيأة المراقبة التربوية، لهذا وجب التنبيه إلى ضرورة استعمال التنسيب في الوصف والحكم والاستنتاج من خلال الاستناد إلى مؤشرات لغوية ومنطقية على غرار "بعض المدرسين" بعض المؤطرين" ببعض المديريات وفي بعض المدن المغربية الشهيرة بهذا النوع من المتاجرة في "المعرفة المدرسية"، والحالة هاته وجب التنويه بالمفتشين العاملين في مناطق نائية الذين يتحملون مسؤولية مراقبة وتتبع الإنجاز في مؤسسات كثيرة وأحيانا في أكثر من مديرية إقليمية، بالاعتماد على سياراتهم الخاصة التي يضطرون لأن يحملوا فيها اللجنة المكلفة بإنجاز مثلا "امتحان الكفاءة التربوية" وهذا الوضع يضطرهم إلى صرف الكثير من المال من جيوبهم لتغطية نفقات السفر والأكل والفندق وإصلاح أعطاب السيارة مع تعريض النفس لمخاطر الطريق وتقلبات الأحوال الجوية وخاصة في مناطق الأطلس وما تعرفه من موجات الرعد والفيضانات المفاجئة.

في مثل هذه المناطق لا وجود لساعات إضافية ولا لمدرسين مرتشين ولا لمفتشين متواطئين، بل هناك تضحيات جسام، ومستوى عال من المسؤولية التربوية  والمهنية مع وجود طبعا حالات استثنائية حتى لا نعمم بدورنا، العاملون بهذه المناطق يعرفون ذلك جيدا، لهذا وجب التريث والتعقل عند الحديث عن المدرسة العمومية وحراسها الأوفياء من كل الهيآت "إدارة تربوية، أساتذة ومفتشون"... ورغم كل ما يقال بصدد هذا الموضوع فلا زلنا نثق في الأستاذ وفي المدير وفي المفتش وفي كل الرجال والنساء الذين يحملون جمرة الوطن في قلوبهم على الرغم من هيمنة ثقافة المال والفرص والنصب والتسابق من أجل منافع مادية صرفة.