في الوقت الذي يتم فيه تبادل الاتهامات بين مدير ميناء طنجة ومديرية الملاحة البحرية، ومحاولة كل منهما التملص من المسؤولية فيما أصبح يعرف لدى الرأي العام الوطني والدولي بـ"فضيحة ميناء طنجة المتوسط"، تواصل جمعيات المجتمع المدني لمغاربة العالم والتي تجاوز عددها الستون من شتى أنحاء العالم التعبئة والتواصل من أجل إيصال صوتها الغاضب إلى المسؤولين ومطالبتهم بتحديد المسؤوليات وربطها بالمحاسبة.
وارتباطا بهذه الفضيحة وما ترتب عنها من آثار سلبية، ليس فقط على المستوى المعنوي ولكن على المستوى المادي كذلك لارتباط عدد من المهاجرين بمواعيد العمل، فإن جمعيات المجتمع المدني بالخارج في تواصل يومي ومشاورات مستمرة مع مختلف الشركاء والخبراء والمهتمين ووسائل الإعلام... وهي بصدد توجيه نداء إلى كل من رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب وإلى رؤساء الفرق البرلمانية من أجل تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الإختلالات التي شابت عملية العبور "العودة" أواخر شهر غشت المنصرم، من أجل تجاوز سلبياتها في القادم من السنوات وإشراك الجالية في عملية "مرحبا" باعتبارها فاعلا ومعنيا مباشرا بعملية العبور.
ورغم تحفظ البعض والقول بعدم جدوى وفعالية لجان تقصي الحقائق انطلاقا من تجارب سابقة، فإن الجمعيات الموقعة على النداء عازمة على مواصلة التعبئة من أجل تحقيق مطالبها المشروعة، ودعوة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى الوفاء بالتزاماته فيما يتعلق بمشروع القانون التنظيمي لمجلس الجالية المغربية بالخارج.
وكانت عملية العبور، في مرحلة العودة لهذه السنة، قد خلفت استياء عاما لدى مغاربة العالم، خصوصا من طرف جيل الأبناء الذين في الغالب ما يجد الآباء صعوبة في إقناعهم بقضاء عطلتهم بوطنهم الأم.
إن الذي وقع في ميناء طنجة، كان بالإمكان تجاوزه لو أن المسؤولين قاموا بإجراءات احترازية اعتمادا على إحصائيات علمية، تحسبًا لأي اكتظاظ محتمل في العودة التي غالبا ما تكون في نفس الفترة، أي أواخر شهر غشت، لارتباط أغلب أفراد الجالية بالعمل والموسم الدراسي، عكس عملية الدخول إلى المغرب فتكون في تواريخ متفرقة ما بين أشهر يونيو ويوليوز وبداية شهر غشت.
إن الكيفية التي يتم بها التعامل مع الجالية المغربية سواء في مراحل العبور أو أثناء الإقامة المؤقتة داخل أرض الوطن تتعارض بشكل مطلق مع التعليمات الملكية الداعية إلى تعزيز الإهتمام بمغاربة العالم، باعتبارهم رأسمال بشري مهم وشريك أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لذلك كان من اللازم على الحكومة أن تتفاعل بشكل إيجابي مع الإشارات الواضحة لملك البلاد، واعتماد مقاربة جديدة في التعامل مع مغاربة الخارج، إذ أن المهاجر لم يعد ذلك "الڤاكانسي" البسيط من الجيل الأول، بل هناك كفاءات تعتبر ثروة من شأنها أن تساهم في البناء الديموقراطي لبلدنا، ولن يتأتى ذلك إلا بتفعيل دستور 2011 وتمكين مغاربة الخارج من مواطنتهم الكاملة من خلال المشاركة السياسية الفعلية.