مومر:هل تستدعي النيابة العامة سعد الدين العثماني للتحقيق ؟!

مومر:هل تستدعي النيابة العامة سعد الدين العثماني للتحقيق ؟! سعد الدين العثماني، و عبد المجيد مومر الزيراوي
جاءت تصريحات الفقيه سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة و التنمية بِوَقْع الصدمة ، حيث أن رئيس الحكومة المغربية و الذي - ربما - يتوفر على معطيات سرية بحكم منصبه الحساس داخل هرم الدولة ، قد خرج بتصريح خطير يتهم فيه نور الدين عيوش بالداعشية السياسية ، و هو ما يعتبر بمثابة تبليغ من طرف رئيس الحكومة عن جريمة إرهابية يعاقب عليها القانون المغربي.
و لابد لنا هنا من التذكير بالمعنى الإصطلاحي للداعشية السياسية الذي إستفهمناه بعد مداخلة الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ، من حيث أن سعد الدين العثماني يتهم -بالإسم و الصفة- تَوَجُّهاً بالقيام على إستئصال الفكر الديني من الحياة العامة و قضايا المجتمع المغربي ، فالمفهوم – أي الداعشية السياسية - يقصد كل تعبير " علماني " عن رفض الآخر ، و - ربما - قد يؤسس لممارسة "الإغتيال" بحقه و اجتثات قيمه الدينية.
و يُسْتَنْبَطُ من تصريح رئيس الحكومة المغربية بأن مشروع الداعشية السياسية ، من حيث شرعنة الترهيب و الإرهاب ، يتطابق مع مشروع تنظيم داعش التكفيري و الذي يتبنى "الداعشية المذهبية" التي أسس لها دهاقنة التطرف الديني و الإجرام ، و حاولوا تقعيد إشتقاقها من إرث "السلفية" و فتاوى الشيوخ ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب وآخرين، و شكلوا لها تنظيمات عسكرية تمتد إلى دول من الشرق إلى الغرب ، و تهدد الأمن الوطني و الإقليمي و الدولي.
و بالتالي يمكن الجزم أن النقاش الدائر حول إصلاح المنظومة التعليمية تجاوز الحدود القانونية لحرية التعبير عن الرأي و تحوَّل إلى حلبة تبادل السب و القذف بين مشروع نور الدين عيوش و مشروع سعد الدين العثماني . إلاَّ أن تصريحات هذا الأخير و نظرا لمنصبه الحساس كرئيس للحكومة المغربية ، جعل المغربيات و المغاربة يكتشفون أن الخلاف يتجاوز معارضة إستعمال مصطلحات بالدارجة ضمن المقررات المدرسية ، إلى توجيه إتهامات صريحة لنور الدين عيوش توحي لنا ضمنيا بوجود تنظيم سري له أزيد من 500 مؤسسة فرعية يملكها عيوش و التي – ربما - تعمل على نشر فكر الداعشية السياسية الإرهابية ، هذه الداعشية التي تسعى وفق ما يُسْتَخْلَص من تصريحات السيد رئيس الحكومة المغربية إلى تخريب الأمن السياسي و الإجتماعي و إقتحام المؤسسات الرسمية.
و هذا - ربما - قد يدفع النيابة العامة إلى إستدعاء الفقيه سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ، قصد تبيان و تبيين الحقائق المستترة خلف هذه الإتهامات الخطيرة التي تهدد الأمن القومي المغربي لما لها من إرتدادات عكسية على الاستقرار الداخلي .
و كذلك تنوير الرأي العام الوطني و توضيح الخلفيات الباعثة على إطلاق هذه التهم التي جاءت على شكل رفع شعارات حزبية تنقل النقاش حول إصلاح التعليم من فضائه المؤسساتي القانوني إلى متاهات الصراع السياسوي الذي ينسف مبدأ الشراكة الوطنية بلغة السب و القذف المتبادلة و محاولات الإغتيال الرمزي للآخر.
و لأن الداعشية السياسية هي شكل من أشكال الإرهاب ، فإن تصريحات الفقيه سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية الموجهة إلى نور الدين عيوش ، تدفعنا لتنبيه الجميع إلى أن القانون الجنائي المغربي يعاقب على الجرائم الإرهابية المرتبطة بالجرائم الأصلية سواء تعلق الأمر بالإشادة أو التحريض أو الترويج للإرهاب من حيث أنها جرائم منفصلة.
و هكذا نجد ترسانة من الفصول و المواد الواردة ضمن القانون الجنائي ، الذي تممه القانون رقم 30.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب، والمعدل بالقانون رقم 86.14، و التي تنص على ما يلي:
"يعاقب بالحبس من سنتين إلى ست سنوات وبغرامة تتراوح بين 10.000 و200.000 درهم كل من أشاد بأفعال تكون جريمة إرهابية بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية والإلكترونية".
كذلك يعاقب بنفس العقوبة كل من قام بالدعاية أو الإشادة أو الترويج لفائدة شخص أو كيان أو تنظيم أو عصابة أو جماعة، إرهابية بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة.
أما فيما يخص التحريض فالقانون الجنائي يؤكد على أن : " كل من قام بأية وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو دفعه إلى القيام بها أو حرضه على ذلك يعاقب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات وبغرامة تتراوح بين 5000 و10000 درهم".
و الجدير بالذكر أن هذه العقوبات قد يتضاعف تَشْدِيدُها عن المشار إليه فيما سبق ، إذا تعلق الأمر بإقناع أو دفع أو تحريض قاصر، أو إذا تم استغلال الإشراف على المدارس أو المعاهد أو مراكز التربية أو التكوين كيفما كان نوعها، للقيام بذلك !
عبد المجيد مومر، رئيس الإختيار الحداثي الشعبي