خالد الشرقاوي السموني: المغرب لن يكون دركيا لإسبانيا في مجال الهجرة

خالد الشرقاوي السموني: المغرب لن يكون دركيا لإسبانيا في مجال الهجرة خالد الشرقاوي السموني

ربما لم تستوعب اسبانيا أن المغرب عرف تحولا كبيرا منذ سنة 1992 ، خصوصا في عهد جلالة الملك محمد السادس ولم يعد ذلك البلد كما ظل متخلفا و تابعا في مخيلة الإسبان مدة طويلة من الزمن . كما لم تستوعب اسبانيا الاستراتيجية الوطنية الجديدة  للهجرة التي اعتمدها المغرب منذ سنة 2014 ، ذات البعدين الحقوقي و الإنساني والتي كانت رائدة على المستوى الإقليمي و الدولي . ألم يحن الوقت بعد لإسبانيا بأن تعامل المغرب في إطار الشراكة المتكافئة التي تخدم مصالح البلدين بمنطق رابح رابح ؟ . أليس من واجب الحكومة المغربية إعادة النظر في اتفاقية التعاون الثنائي بين المغرب و اسبانيا الموقعة سنة 1992 والتي سنتحدث عنها لاحقا ؟ .هل يبقى المغرب يلعب دور الدركي لإسبانيا لحمايتها من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها ؟ .

فبتاريخ 23 غشت 2018 ، قامت السلطات الاسبانية في نقطة العبور بين الفنيدق وسبتة بترحيل 116 مهاجرا من دول جنوب الصحراء إلى المغرب ، واستندت إسبانيا إلى تبرير ذلك إلى اتفاق ثنائي بين المغرب و إسبانيا يرجع لتاريخ 13 فبراير1992 .

هذا الاتفاق تم توقيعه بالعاصمة الاسبانية مدريد سنة 1992 بين المملكة المغربية و المملكة الإسبانية بشأن تنقل الأشخاص و العبور و إعادة قبول الأجانب الذين دخلوا بصفة غير قانونية . وصدر بشأنه الظهير الشريف رقم 1.12.64 في 10 ديسمبر 2012 في عهد حكومة عبد الإله بنكيران .

و للتذكير ، فإن الاتفاق وقعه عن المملكة الاسبانية  وزير الداخلية آنذاك خوسي لويس كوركويرا كوسطا و عن المملكة المغربية وزير الداخلية و الإعلام آنذاك ادريس البصري.

وتنص المادة الأولى من الاتفاقية ، والمنشورة في الجريدة الرسمية عدد 6214 الصادرة بتاريخ 19 دجنبر 2013، على "أن تقوم سلطات الحدود للدولة المطلوب منها، بناء على طلب رسمي لسلطات الحدود للدولة الطالبة، بإعادة قبول رعايا دول أخرى دخلوا بصفة غير قانونية فوق ترابها والقادمين من الدولة المطلوب منها".

وبمُقتضى هذه المادة، فإنّ المغرب لا يكتفي فقط بقبول إعادة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من جنسية مغربية، الذين يتسللون إلى الأراضي الاسبانية، بل مُلزم بقبول جميع المهاجرين العابرين للأراضي المغربية في اتجاه إسبانيا، أيا كانت جنسيتهم.

وجدير بالذكر ، أن السلطات الاسبانية سارعت إلى إضفاء طابع المشروعية على إعادة ترحيل المهاجرين الأفارقة ، حيث أصدرت سنة 2014 قانونا جديدا ، وهو عبارة عن تعديل لقانون سابق ، يقضي بالإعادة الفورية للمهاجرين غير النظاميين، من الذين يتمكنون من بلوغ مدينة سبتة أو مليلية. ونشرت الجريدة الرسمية الإسبانية الوثيقة الختامية الرسمية من التعديل الأول بخصوص بعض فصول قانون الأجانب، الذي أصبح يخول للسلطات الإسبانية قانونيا الطرد الفوري للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يجتازون السياج الحدودي الشائك انطلاقا من التراب المغربي.

و يمكن تسجيل عدة ملاحظات في هذا الصدد ، نوجزها في ما يلي :

  1. عندما ارتكزت اسبانيا على اتفاقية 1992 عندا قررت ترحيل مهاجرين من جنوب الصحراء الى المغرب لم تتقيد بمجموعة من الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في الاتفاقية ، ومن بينها التأكد على الخصوص من أن المهاجرين الذين تسللوا إلى مليلية أو سبتة قد انطلقوا من المغرب أو كانوا قادمين من مناطق أخرى : مثلا قد يكونوا قادمين من المياه الساحلية الليبية أو الجزائرية أو الإيطالية أو الجزر المجاورة لإسبانيا. ثم أن إعادة الترحيل يقتضي تبادل المعلومات و الوثائق المسبقة بين البلدين والتأكد من هوية المهاجرين واحترام آجال الترحيل و توفير أماكن استقبال تتوفر فيها شروط الصحة و السلامة تلتزم اسبانيا بتوفير مساعدات مالية من أجل تجهيزها . و هذه الشروط القانونية يبدو أنها منعدمة.
  2.  القانون الجديد المعدل لقانون الأجانب يكرس ما جاء في اتفاقية 1992 ويزيد من حجم الضغط على السلطات المغربية لقبول المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المطرودين من سبتة ومليلية . مع العلم أن هذا  القانون أثار قلقا كبيرا لدى الأحزاب السياسية الاسبانية المعارضة والمنظمات الحقوقية و الهيئات الدولية المهتمة بحقوق المهاجرين، و مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا ، و مجلس حقوق الإنسان لدى للأمم المتحدة ، على اعتبار أنه غير قانوني وينتهك حقوق وحريات المهاجرين المكفولة في القوانين الدولية ، ويتناقض مع الحق في طلب وضمان الحماية الدولية للمهاجرين غير الشرعيين على وجه الخصوص.
  3. إن السماح بترحيل المهاجرين غير الشرعيين مرهون بعدم وجود مقتضى في القانون الدولي يمنع ذلك أو يحد منه وفق إجراءات معينة . هذا مع العلم الاتفاقية الدولية لحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم تمنع الترحيل الجماعي، بالإضافة الى الاتفاقية الدولية بحقوق الأطفال التي تمنع الترحيل خارج مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، والتي تستوجب الاستماع إليه من أجل الاختيار.
  4.  القرار الاسباني بإعادة ترحيل مهاجرين أفارقة نحو المغرب يجعل من هذا البلد منطقة استقرار للمئات من المهاجرين غير الشرعيين الوافدين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بدل بلد عبور. وهذا يطرح  إشكالين :

 

ب - إسبانيا لا تقدم مساعدات مالية للمغرب حتى يتمكن من مساعدتها في الحد من تدفق المهاجريين عليها . و للإشارة في هذا الصدد ، أن السلطات الإسبانية سبق لها أن عبرت بأن المغرب يبذل جهدا هائلا من أجل التعاون بإخلاص مع إسبانيا بشأن القضايا المتعلقة بالهجرة، و أنه حان الوقت لتقديم المساعدات المالية للمغرب على حماية إسبانيا من تدفقات المهاجرين.

و في الأخير ، لا يفوتها أن نشير إلى أنه حان الوقت للحكومة المغربية لإعادة النظر في اتفاقية 1992 لأن بعض مقتضياتها مخالفة للقانون الدولي من جهة ، و تضر بمصالح المغرب من جهة ثانية . خصوصا و أنها وقعت في فترة زمنية و في ظروف سياسية معينة ، تغيرت أسبابها في وقتنا الراهن .

فإسبانيا ليس وحدها المهددة بتدفق المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها ، و إنما أيضا المغرب أصبح الوجهة المفضلة لهؤلاء ، وبالتالي ينبغي اعتماد مقاربة لملف الهجرة بين البلدين تنبني على المصالح الحيوية المشتركة واحترام السيادة الوطنية.

ربما لم تستوعب اسبانيا أن المغرب عرف تحولا كبيرا منذ سنة 1992 ، خصوصا في عهد جلالة الملك محمد السادس ولم يعد ذلك البلد كما ظل متخلفا و تابعا في مخيلة الإسبان مدة طويلة من الزمن . كما لم تستوعب اسبانيا الاستراتيجية الوطنية الجديدة  للهجرة التي اعتمدها المغرب منذ سنة 2014 ، ذات البعدين الحقوقي و الإنساني والتي كانت رائدة على المستوى الإقليمي و الدولي . ألم يحن الوقت بعد لإسبانيا بأن تعامل المغرب في إطار الشراكة المتكافئة التي تخدم مصالح البلدين بمنطق رابح رابح ؟ . أليس من واجب الحكومة المغربية إعادة النظر في اتفاقية التعاون الثنائي بين المغرب و اسبانيا الموقعة سنة 1992 والتي سنتحدث عنها لاحقا ؟ .هل يبقى المغرب يلعب دور الدركي لإسبانيا لحمايتها من تدفق المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها ؟ .

فبتاريخ 23 غشت 2018 ، قامت السلطات الاسبانية في نقطة العبور بين الفنيدق وسبتة بترحيل 116 مهاجرا من دول جنوب الصحراء إلى المغرب ، واستندت إسبانيا إلى تبرير ذلك إلى اتفاق ثنائي بين المغرب و إسبانيا يرجع لتاريخ 13 فبراير1992 .

هذا الاتفاق تم توقيعه بالعاصمة الاسبانية مدريد سنة 1992 بين المملكة المغربية و المملكة الإسبانية بشأن تنقل الأشخاص و العبور و إعادة قبول الأجانب الذين دخلوا بصفة غير قانونية . وصدر بشأنه الظهير الشريف رقم 1.12.64 في 10 ديسمبر 2012 في عهد حكومة عبد الإله بنكيران .

و للتذكير ، فإن الاتفاق وقعه عن المملكة الاسبانية  وزير الداخلية آنذاك خوسي لويس كوركويرا كوسطا و عن المملكة المغربية وزير الداخلية و الإعلام آنذاك ادريس البصري.

وتنص المادة الأولى من الاتفاقية ، والمنشورة في الجريدة الرسمية عدد 6214 الصادرة بتاريخ 19 دجنبر 2013، على "أن تقوم سلطات الحدود للدولة المطلوب منها، بناء على طلب رسمي لسلطات الحدود للدولة الطالبة، بإعادة قبول رعايا دول أخرى دخلوا بصفة غير قانونية فوق ترابها والقادمين من الدولة المطلوب منها".

وبمُقتضى هذه المادة، فإنّ المغرب لا يكتفي فقط بقبول إعادة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين من جنسية مغربية، الذين يتسللون إلى الأراضي الاسبانية، بل مُلزم بقبول جميع المهاجرين العابرين للأراضي المغربية في اتجاه إسبانيا، أيا كانت جنسيتهم.

وجدير بالذكر ، أن السلطات الاسبانية سارعت إلى إضفاء طابع المشروعية على إعادة ترحيل المهاجرين الأفارقة ، حيث أصدرت سنة 2014 قانونا جديدا ، وهو عبارة عن تعديل لقانون سابق ، يقضي بالإعادة الفورية للمهاجرين غير النظاميين، من الذين يتمكنون من بلوغ مدينة سبتة أو مليلية. ونشرت الجريدة الرسمية الإسبانية الوثيقة الختامية الرسمية من التعديل الأول بخصوص بعض فصول قانون الأجانب، الذي أصبح يخول للسلطات الإسبانية قانونيا الطرد الفوري للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يجتازون السياج الحدودي الشائك انطلاقا من التراب المغربي.

و يمكن تسجيل عدة ملاحظات في هذا الصدد ، نوجزها في ما يلي :

  1. عندما ارتكزت اسبانيا على اتفاقية 1992 عندا قررت ترحيل مهاجرين من جنوب الصحراء الى المغرب لم تتقيد بمجموعة من الإجراءات الشكلية المنصوص عليها في الاتفاقية ، ومن بينها التأكد على الخصوص من أن المهاجرين الذين تسللوا إلى مليلية أو سبتة قد انطلقوا من المغرب أو كانوا قادمين من مناطق أخرى : مثلا قد يكونوا قادمين من المياه الساحلية الليبية أو الجزائرية أو الإيطالية أو الجزر المجاورة لإسبانيا. ثم أن إعادة الترحيل يقتضي تبادل المعلومات و الوثائق المسبقة بين البلدين والتأكد من هوية المهاجرين واحترام آجال الترحيل و توفير أماكن استقبال تتوفر فيها شروط الصحة و السلامة تلتزم اسبانيا بتوفير مساعدات مالية من أجل تجهيزها . و هذه الشروط القانونية يبدو أنها منعدمة.
  2.  القانون الجديد المعدل لقانون الأجانب يكرس ما جاء في اتفاقية 1992 ويزيد من حجم الضغط على السلطات المغربية لقبول المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المطرودين من سبتة ومليلية . مع العلم أن هذا  القانون أثار قلقا كبيرا لدى الأحزاب السياسية الاسبانية المعارضة والمنظمات الحقوقية و الهيئات الدولية المهتمة بحقوق المهاجرين، و مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا ، و مجلس حقوق الإنسان لدى للأمم المتحدة ، على اعتبار أنه غير قانوني وينتهك حقوق وحريات المهاجرين المكفولة في القوانين الدولية ، ويتناقض مع الحق في طلب وضمان الحماية الدولية للمهاجرين غير الشرعيين على وجه الخصوص.
  3. إن السماح بترحيل المهاجرين غير الشرعيين مرهون بعدم وجود مقتضى في القانون الدولي يمنع ذلك أو يحد منه وفق إجراءات معينة . هذا مع العلم الاتفاقية الدولية لحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم تمنع الترحيل الجماعي، بالإضافة الى الاتفاقية الدولية بحقوق الأطفال التي تمنع الترحيل خارج مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، والتي تستوجب الاستماع إليه من أجل الاختيار.
  4.  القرار الاسباني بإعادة ترحيل مهاجرين أفارقة نحو المغرب يجعل من هذا البلد منطقة استقرار للمئات من المهاجرين غير الشرعيين الوافدين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بدل بلد عبور. وهذا يطرح  إشكالين :

 

ب - إسبانيا لا تقدم مساعدات مالية للمغرب حتى يتمكن من مساعدتها في الحد من تدفق المهاجريين عليها . و للإشارة في هذا الصدد ، أن السلطات الإسبانية سبق لها أن عبرت بأن المغرب يبذل جهدا هائلا من أجل التعاون بإخلاص مع إسبانيا بشأن القضايا المتعلقة بالهجرة، و أنه حان الوقت لتقديم المساعدات المالية للمغرب على حماية إسبانيا من تدفقات المهاجرين.

و في الأخير ، لا يفوتها أن نشير إلى أنه حان الوقت للحكومة المغربية لإعادة النظر في اتفاقية 1992 لأن بعض مقتضياتها مخالفة للقانون الدولي من جهة ، و تضر بمصالح المغرب من جهة ثانية . خصوصا و أنها وقعت في فترة زمنية و في ظروف سياسية معينة ، تغيرت أسبابها في وقتنا الراهن .

فإسبانيا ليس وحدها المهددة بتدفق المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها ، و إنما أيضا المغرب أصبح الوجهة المفضلة لهؤلاء ، وبالتالي ينبغي اعتماد مقاربة لملف الهجرة بين البلدين تنبني على المصالح الحيوية المشتركة واحترام السيادة الوطنية.