طوبى للجنرال حرمو: الدرك الملكي يستخلص أغلى مخالفة في العالم !!

طوبى للجنرال حرمو: الدرك الملكي يستخلص أغلى مخالفة في العالم !! المخالفة المرورية المستخلصة بواد لكراع و مشهد من الطريق السيئة, و الجنرال حرمو
إلى حدود اليوم ظل الجنرال حرمو، قائد الدرك الملكي، يحتفي بتاريخين أساسيين في مساره المهني: 
 
التاريخ الأول هو  4 دجنبر2017، المرتبط بتعيينه على رأس أحد أكثر الأجهزة الأمنية حظوة ببلادنا خلفا للجنرال حسني بنسليمان الذي لم يكن أحد يتوقع أن يزول من قيادة الدرك إلا على النعش.
 
التاريخ الثاني الذي يحتفي به حرمو هو 31 يوليوز2018 ، وهو اليوم الذي سلمه الملك محمد السادس تذكرة الولوج إلى نادي الكبار بترقيته إلى رتبة جنرال دوكوردارمي (أعلى درجة حاليا في السلم العسكري المغربي) إسوة بزميله الجنرال الوراق (المفتش العام للقوات المسلحة الملكية).
 
لكن ابتداء من يوم  23 غشت2018 سيصبح الجنرال حرمو ملزما بالاحتفال بهذا التاريخ لأن الدرك الملكي في عهده دخل إلى موسوعة غينيس الدولية باستخلاص أغلى مخالفة مرورية في العالم !!، إذ أنفق الجنرال حرموفي اليوم المذكور، من ميزانية الدولة 70 مليون سنتيم، لاستخلاص مخالفة مرورية قدرها ثلاثة آلاف ريال(150 درهم)!!
 
ففي صباح هذا اليوم من ثاني أيام عيد الأضحى (تحديدا في الساعة 11و24 دقيقة)، وبينما كنت عائدا على متن سيارتي من مدينة الداخلة في اتجاه بوجدور استوقفني رجال الدرك في موقع واد لكراع، وهو الواد الفاصل بين حدود إقليمي الداخلة وبوجدور، بدعوى تجاوز السرعة. استغربت للأمر خاصة وأن الطريق التي تربط بين الداخلة وبوجدور هي طريق جد محفرة ومتربة ويصعب استعمالها حتى من طرف "طراكس حربية بالسلاسل"، فأحرى استعمالها من طرف السيارة او الشاحنة والحافلة.
 
وزاد استغرابي أني تنقلت في هذه الطريق (على طول 400 كيلومتر تقريبا) تقريبا لوحدي طوال عطلة عيد ثورة الملك والشعب وعيد الشباب وعيد الأضحى، إذ بالكاد تمر شاحنة أو سيارة. لدرجة أني أحصيت تقريبا مرور حوالي 20 مركبة ذهابا وإيابا لمدة خمس ساعات بين بوجدور والداخلة. (أما بين الكركارات وبئر إنزران فلم ألم ألمح في يوم آخر طوال 10ساعات من السياقة ذهابا وإيابا سوى قافلة لسيارات القوات المساعدة وسيارتين لرجال السلطة وسيارة للدرك وثلاث سيارات لرعاة الإبل وشاحنتين للبطاطا والخضر متجهتين نحو موريتانيا).
 
والأفظع أن الدرك الملكي خصص كومندو يضم ثلاثة دركيين بموقع واد لكراع لرصد السرعة بطريق مهجورة  تسمى طريق الأشباح (رغم أنها طريق وطنية رئيسية) قد تمر بها سيارة أو لا تمر أصلا خلال نصف يوم !! 
 
ليس لي موقف من المخالفات المرورية، فدوما أسدد ثمن المخالفات في حينها لرجال الأمن أو الدرك، اللهم إن لم تكن في جيبي نقود فأضطر إلى تسليم رخصة القيادة حتى أسدد المبلغ بدار الضريبة ليتسنى لي سحب "البيرمي" من لابريكاد أو الكوميسارية المعنية (يمكن لأصحاب الوقت تصفح سجلات المخالفات في بنك المعلومات للتحقق من ذلك). ولكن اليوم استنكرت ماحدث بواد لكراع، إذ لم أستسغ ان تكلف الدولة ثلاثة من رجال الدرك في موقع لا يعرف صبيبا لتصيد "فيكتيم" لاستخلاص 150 درهم خلال سنة !
 
وأتحدى قائد الدرك الملكي ورئيس الحكومة ووزير التجهيز والنقل أن ينشروا قائمة المخالفات المرورية بهذا الموقع، وأتحداهم أن ينشروا كم من حادثة مميتة تقع سنويا بواد لكراع نسبة إلى صبيب السير بالطريق المذكورة ، حتى يستوجب الأمر صرف 70مليون سنتيم لاستخلاص ثلاثة آلاف ريال في العام !!، وحتى على افتراض ان الدرك"حصل" 12 "فيكتيم" في السنة في ذاك الموقع، فمعنى ذلك أن الغرامة الواحدة تكلف الخزينة العامة حوالي 70ألف درهم.أي ان الدولة تخسر 70ألف درهم لتستخلص 150درهم في المخالفة !
 
فواد لكراع تخصص له قيادة الدرك ثلاثة أفراد في كل نوبة من ثمان ساعات (shift), أي3×3. وهو ما يعني تخصيص 9 من رجال الدرك على مدار اليوم. وأجور هؤلاء الدركيين بواد لكراع وتحملاتهم الاجتماعية تكلف الخاضعين للنكليف الضريبي ما يعادل 288000 درهم .
 
الدرك جهاز عسكري.وتأسيسا على ذلك، يستفيد كل دركي لزوما من سكن وظيفي في لابريكاد على حساب الخزينة العامة.أي أن سكن درك مراقبة السرعة بواد لكراع يكلف الدولة حوالي 216000رهم.
 
لباس وسلاح الدركيين: 36000 درهم
 
سيارة جيب المخصصة للدرك وقيمتها 530000 درهم.وإذا استحضرنا قيمة تآكل السيارة لخمس سنوات، فمعنى ذلك أن السيارة تكلف كل عام حوالي: 106000 درهم.
 
المحروقات المرصودة لسيارة جيب ( بالمناسبة هي سيارة تلتهم المحروقات بشراهة): 36000 درهم
 
أي  أن  المجموع هو: 682000 درهم. تضاف لها صوائر الرادار والمطبوعات ليصبح المجموع العام تقريبا هو 700000 درهم !!
 
أليس عار على الدولة،وهي التي تتشدق بالحكامة والعقلنة، أن تنهك الميزانية العامة(أي ضرائب المواطنين) بهذا المبلغ الباهض في مهمة غير استراتيجية؟! أليس مخجلا أن نخصص سنتين او ثلاث سنوات لتكوين الدركي على تعقب الإجرام والمجرمين مع ما يكلفنا ذلك من موارد مالية،ثم في نهاية المطاف يعين رجل الدرك في موقع مهجور لتصيد سائق لاستخلاص غرامة 150درهم في السنة؟! أليس شوهة أن تقوم مصالح الدرك بتعيين 9 من رجال الدرك بواد لكراع المهجور بينما سكان عين حرودة أو بوسكورة الذين يتجاوز عددهم بكل جماعة مائة ألف نسمة لا ينعمون سوى بسبع أو ثمان دركيين لتلبية حاجياتهم الادارية والأمنية؟!
 
أليس ظلما أن "يحكر " و"يزير" قضاة المجلس الأعلى للحسابات على موظف "مول الصنك " بجماعة قروية نائية لمسائلته و"سخسخته" عن مبلغ حقير لا يتعدى  800 درهم "ديال صندوق اللفت او الفجل"، في حين لا يقتربون من كيفية تدبير الدرك الملكي للموارد البشرية والمالية الفرعونية المرصودة لهذا الجهاز !؟
 
إن واد لكراع لا يحتاج إلى درك لاصطياد سائق شاحنة او حافلة بقدر ما يحتاج إلى مهندسين لتسريع إصلاح وإنجاز الطريق السريع "تيزنيت-الداخلة".
 
إن واد لكراع لا يحتاج إلى إهدار 70 مليون على "لخوا الخاوي"، بقدر مايحتاج إلى إنفاق  70مليون لتجهيز قرية الصيد المجاورة والتي تفتقر لكل الشروطة الآدمية.