من سيصدق شباط وبنكيران بعد اليوم إلا من كان مغبونا أو أهبل (مع فيديو)

من سيصدق شباط وبنكيران بعد اليوم إلا من كان مغبونا أو أهبل (مع فيديو)

من يسمع رسائل الغزل المتبادلة بين بنكيران وشباط.. من يشاهد العناق الحار بين "الزعيمين" كأنهما يرقصان "الصالصا"، والقبل الساخنة، لا يصدق أن شباط وبنكيران طيلة خمس سنوات كانا يلعبان لعبة "طوم" و"جيري". بنكيران كان "يتغذى" بشباط، وشباط "يتعشى" ببنكيران. الزعيمان معا كانا يخلقان نوعا من الفرجة المضحكة والمسلية. حتى أنه يندر أن يخطب بنكيران أمام "مصابيحه" من دون أن يتخلل خطابه "فسحة" و"استراحة" يخصصها لشباط ولحماقاته، ألم يكن يصفه بـ"هبيل ديال فاس"؟ لكن شباط كان أيضا "كريما" مع بنكيران في وصلاته "الإشهارية" و"التشهيرية" برئيس الحكومة، ولا ينسى أن يجعل منه "أضحوكة" أمام أنصاره. العداوة بين الزعيمين كانت "أصيلة" ومن النوازل الثابتة والسنن المؤكدة في خطابات كليهما. طيلة خمس سنوات من عمر الحكومة السابقة أتحف الزعيمان المغاربة بقاموس من السب والشتم والذم لا يمكن أن يسمعونه إلا في "حمام النساء"، فيه الكثير من "السفاهة" و"السفالة" و"القذارة"، والقليل من "الاحترام".. الكثير من "الدجل" السياسي والقليل من "الجدل" السياسي.

ولأن زعامة حزب تاريخي، كحزب الاستقلال الذي أسسه علال الفاسي تقتضي أن يكون شباط زعيما يحمل إرثا ثقيلا على كتفيه تناوبت على حمله أجيال استقلالية، ويقيس كلامه بـ"الميزان" الذي اختاره ورثة علال الفاسي كي يكون شعارا لحزبهم.

ولأن زعامة حزب يدعي بنكيران أن مرجعيته إسلامية، ويوظف الدين للبحث عن شرعية شعبية، تلزم زعيم العدالة والتنمية أن يكون "حليما" و"حكيما" في الرد على خصومه، حتى لو كان هؤلاء الخصوم من طينة "حميد شباط".

تساقطت أوراق الحكومة، وتساقطت معها صفحات قاموس "العار" ومشتقات "القمامة" التي كان ينتقي منها الزعيمان ألفاظهما النابية. ما الذي حدث؟ وماذا أصاب بنكيران كي يقع في حب شباط، حتى أنه أصبح يقرن تشكيل الحكومة الجديدة بوجود حميد شباط، ولا يتصور أن برى الحكومة بدون حزب الاستقلال الذي بدأ يشيد به ويكيل له المديح العالي، كانه يكتشف لأول مرة أن حزب الاستقلال حزب وطني عريق. "اكتشاف" خطير جعل بنكيران يخاطر بفشل تشكيل الحكومة الجديدة، ويضحي بحليفه السابق حزب الأحرار من أجل أن تجمعه مع شباط طاولة الحكومة.

من كان يراهن على أن السياسة التي جعلت أمس من الزعيمين خصمين لذودين، جعلت منهما اليوم متلاحمين؟ أي "تعويذة" استعملت ليصبح الرجلان "حبيبين"؟ كل نظريات علم السياسة ستفشل في تحليل هاتين "الظاهرتين" بنكيران وشباط اللذين يقودان حزبين يتزعمان المشهد السياسي. الأول حزب "انتهازي" حديث العهد انقض على "الزعامة" مستغلا الفراغ الذي تركه حزب الاتحاد الاشتراكي، واستولى على "الحكومة" على ظهر حركة 20 فبراير بانتهازية. والثاني حزب تاريخي بنى أمجاده علال الفاسي، بوبكر القادري، عبد الكريم غلاب، العربي المساري وآخرون، ليصبح في النهاية رهينة في يد حميد شباط. والنتيجة هي هذه التفاهة التي أصبح يعيشها المغاربة، وغياب بوصلة حزبية، وتحالفات سياسية مبنية على خطوط إديولوجية وفكرية. حتى في السياسة هناك "عقيدة" و"مبادئ" و"قيم" وحدود فاصلة بين أحزاب "اليمين" واليسار" و"الوسط"، حيث خلق المغرب الاستثناء مع حكومة بنكيران التي يمكن أن تجمع الأحزاب الاشتراكية والشيوعية واليمينية والمحافظة واليسارية. كل المسافات تذوب وعدو الأمس هو صديق اليوم.

شباط الذي ارتمى في حضن بنكيران ليته يتذكر، وإن نسي قصائد الهجاء في بنكيران، فالمغاربة ذاكرتهم ليست قصيرة وسيذكرونه بما كان يقوله، ليته يتذكر مزرعة الفساد التي كان يحرثها بنكيران طولا وعرضا.. فهل كان يكذب على نفسه أم على بنكيران أم على المغاربة؟ وهل حزب الاستقلال أصبح يفتقد إلى زعامات وشخصيات كاريزمية لتصدق "بهتان" شباط.

بنكيران الذي جعل مستقبل حكومته المقبلة في كف عفريت من أجل سواد عيون حميد شباط هل ينسى أنه يضع يده في يد من كان ينعته إلى وقت قريب بـ"الهبيل"؟ هل يمكن أن ينقلب الرجل 90 درجة ويغير موقفه من شباط إلى الحد الذي يتحدى فيه الجميع ويقول لهم "لن أتنازل عن حميد شباط.. ومن دخل بيته فهو آمن.. ومن دخل بيت حزب الاستقلال فهو آمن"..

فمن سيصدق شباط وبنكيران بعد اليوم؟ لا أحد... إلا من كان مغبونا... وما أكثر المغبونين في هذا البلد السعيد.

رابط الفيديو هنا