من أهم القرارات التي ينبغي اتخاذها ونحن نودع السنة الحالية في ظل التوجس الأمني وفزاعة الإرهاب وكذا فوبيا اللايقين وسوء التوقعات، ليلة توديع فصل الخريف.. قرار مواصلة العمل والنضال من أجل رفع التوتر الحاصل في المشهد الحقوقي، والذي يبدو جيدا أن هناك أزمة حقيقية تغذيه وتؤطر حدته وشدته، هذه الأزمة التي تستدعي التحرك على سرعتين، بشكل متواز، الاستمرار في تعميق النقاش والمشاورات فيما بين مكونات الطيف الحقوقي، بتأهيل العلاقات البينية/ الثنائية وبتوحيد التصورات على أساس حد أدنى استراتيجي مشترك، وتنظيم التحالفات وتدبير الاختلافات وترتيب التناقضات على قاعدة نقد/ وحدة/ نقد، قوامها توصيات المناظرة الأولى حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والشق السياسي والمؤسساتي المرتبط بضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة، مع استحضار جدية وجدوى تحصين الحق في التنظيم والتعبير والتظاهر السلمي كمكتسبات غير قابلة للمساومة أو التسويات، مع مراعاة شرعية الحق في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وفقا للمعايير الكونية لحقوق الإنسان..
أما السرعة الموازية، فيمكن إجمالها في ضرورة فتح نقاش وطني/ عمومي مع جميع المعنيين بالشأن الحقوقي، من فاعلين سياسيين وبرلمانيين ومؤسسات وطنية ذات الصلة، ومؤسسات عمومية، قضائية وأمنية، وكذا الخبراء الوطنيين والأجانب من أجل العمل على تدبير الأزمة ورفع التوتر بتصفية الأجواء وتطهير البيئة الحقوقية من كل التشنجات التي تحول دون مواصلة توسيع دائرة الضوء التي سبق وأن لاح بصيصه مع الآمال المعقودة على العهد الجديد، الذي التزم مهندسوه الجدد، بأن يعتمدوا مفهوم جديد للسلطة، للقطع مع ماضي الانتهاكات، والذي اشترط معه الحقوقيون والحقوقيات، للتفاعل والتعاون في سياق هذا التعاقد، على أساس المفهوم الجديد للعدل كعنوان للاعتراف الاجتماعي المتبادل افتراضا، في أفق تبديد الاحتقان المفتعل، وحل الأزمة بعقلانية وحكامة.
ولا أعتقد، في آخر التحليل، أننا سنوافق على أن يفرض علينا المشاركة في الفرجة ومشاهدة الوطن تتمزق أطرافه وآفاقه بعلة بسوء تدبير الملفات المصيرية، وعلى رأسها ملف الصحراء الكبرى، الشرقية والغربية، مما يستدعي توسيع دائرة «الديموقراطية التشاركية» على أساس اعتماد المواطنين والمواطنات كشركاء عوض دروع بشرية أو أوعية لامتصاص النقم والأزمات.
فليكن احتفاؤنا بحلول السنة الجديدة على شكل ثورة ثقافية تجعل من الجهة رافدا للتعبئة الديموقراطية من الأسفل، بدل أن تصير امتدادا للنزعة المركزية التي تؤول الديموقراطية المحلية أداة للسلطة والشطط في استعمالها عوض أن تعدو وسيلة للتنمية .