ربما تشعر بالندم والخيبة إذا فكرت أن تقوم بجولة قصيرة في حسابات بعض الفنانين والفنانات بمواقع التواصل الاجتماعي. الرحلة عبر الطريق السيار على الانستغرام والسناب شات لن تجد أمامك إلا "حوادث السير". معرض من الصور والفيديوهات الغريبة والتباهي والتفاخر بالصالونات والطواليطات وموديلات السيارات والحلي والجواهر والسوتيانات والكومبليزوات والشوميزات والكَراصين الملونة والقفاطين والتكشيطات وأحمر الشفاه، كأنك داخل قيسارية الحفاري وليس بمواقع فنانين وفنانات ننتظر إنتاجاتهم (ن) الفنية.
"مكاين غير تخراج العينين وقليان السم والفوحان".. هذا هو شعار المرحلة، وهذه هي القيم التي تزرعها فنانات اليوم اللواتي حولن هذه المواقع إلى حمامات لتبادل السب والشتم والجرح، وإبداع مصطلحات الشارع والقهاوي، كل واحدة تتباهى بجمهورها "الحبيب" الذي يعد بقوافير النحل ومستعمرات النمل وجيوش العقارب. كل فنانة استغلت مواقع التواصل الاجتماعي ليصبح "ثكنة عسكرية" بدل أن يكون "منصة" فنية وقناة إخبارية فنية. كل فنانة تفتخر بحنجرتها وتقول "أنا الأصل والباقي تقليد"!!
رحم الله جيل الفنانات نعيمة سميحة ولطيفة رأفت وسمية قيصر وعزيزة جلال وسميرة بنت سعيد ورجاء بلميح… والباقيات الصالحات.. حيواتهم الشخصية كانت "خطا أحمر" وصداقاتهن كانت إنسانية ولم تكن افتراضية. اليوم أصبح المغاربة مجبرين على أن يحفظوا صفحات "الحالة المدنية" لدنيا باطما وسلمى رشيد وابتسام تسكت بأسماء أمهاتهن وخالاتهن وشقيقاتهن وأبنائن وأبناء عمومتهن وأسماء عطورهن، قبل أن نحفظ أسماء أغانيهن. أصبحنا مرغمين على تتبع حياة شقيقات دنيا باطما واسم طلاء أظافرهن وروتين صراعهن مع "ضرة" زوج شقيقتهن البحريني وابنة ضرتها.
مات الفن وأجهضت الأغنية المغربية مع انقراض الجيل الذهبي للفنانات اللواتي لم تصنعهن أضواء برامج تلفزيونات الواقع وفلاتر مكبرات الصوت.
رحم الله ذلك الزمن الجميل الذي قضى عليه زمن الأشباح و"المونيكات"!!!