عبد اللطيف برادة:"الاكتئاب والإرهاب" ليس عنوان مسلسل جديد!

عبد اللطيف برادة:"الاكتئاب والإرهاب" ليس عنوان مسلسل جديد! عبد اللطيف برادة
ان عدد المنتحرين في العالم على امتداد العقود الثلاثة الماضية ناهز حسب الإحصائيات أكثر من 30 مليون منتحر وتبعا لمنظمة الصحة العالمية بينهم 5 ألاف فجروا أنفسهم. واهتمت دراسات أخرى بتنامي عدد المنتحرين ودوافعهم وهكذا تم تسليط الضوء على مرض الاكتئاب المسبب الرئيسي لإقبال الأشخاص على فكرة الموت ودلك من خلال رصد ظاهرة زيادة حالات الانتحار العادية وحالات الانتحار في ظل العمليات الإرهابية وحسب آخر الإحصائيات فإن «العمليات الانتحارية بلغت نحو 5 آلاف عملية في 40 دولة مع زيادة وتيرتها في السنوات الأخيرة» مع ازدياده وثيرة الانتحاريين العرب خصوصا في السنوات الأخيرة بسبب تسارع وتيرة الصراعات الدموية والطائفية في المنطقة العربية. حيث استغلت بعض التنظيمات الإرهابية التي تحمل شعارات دينية هذه الصراعات من أجل اقحام مئات العرب في ميادين القتال لتنفيذ عمليات انتحارية كما تزايدت حالات الانتحار في العالم في العقود الأربعة الأخيرة بنسبة 60 في المئة حسب أرقام موقع رصد الانتحار العالم حيث ينتحر أو يسعى للانتحار بمعدل فرد كل 40 ثانية وفق الموقع نفسه.
وقد يصل بالبعض إلى محاولات الانتحار أو البحث عن ملاذ للانتقام من أذى نفسي أو عاطفي أو إقصاء اجتماعي أو أسري أو وظيفي بترك المجموعة والانفراد والوحدة التي إن زادت مدتها فقد يغلب على سلوك المكتئب حينها النزوع إلى التطرف للتنفيس عن غضب دفين في نفسه يجعله يبحث عن الخلاص لكن بطريقة يختارها ملائمة حيث اثبت عدد من اللقاءات مع بعض الجهاديين العائدين إلى السعودية على سبيل المثال حسب رواية أحد التائبين لتلفزيون العربية أن عدداً كبيراً من المقبلين على عمليات انتحارية ضمن مجموعات إرهابية في سورية أو العراق يريدون تنفيذ عمليات في أسرع وقت ممكن من التحاقهم بهذه التنظيمات، وهذا يشير إلى أن هؤلاء الشباب يريدون الانتحار في وقت وجيز تحت صفة شهيد أو بالأحرى الانتحار بشكل شرعي حسب قناعاتهم.
وهكذا قد تبين أن حالات الانتحار تكمن أهم أسبابها الرئيسية في زيادة مرض الاكتئاب. حيث أقدم على سبيل المثال مليون أميركي في 2009 على محاولة الانتحار بسبب هذا المرض، وانتحر فعليا نحو 93 ألفاً من المكتئبين حسب موقع جمعية أميركية للمساعدة على تقليص دوافع الاكتئاب المؤدية للانتحار ومن دوافع الاكتئاب الخطيرة حسب دراسة الموقع العلمي التقلب الشديد للمزاج، حيث إن دراسات علمية اصبحت تتناول مرض حدة تقلب المزاج بمحمل الجد كظاهرة مرضية انتشرت أكثر في السنوات الأخيرة، وأثبت رصد هذه الظاهرة زيادة رواد الأطباء النفسيين في العالم خلال السنوات الأخيرة فبعد أن كانت عيادة الطب النفسي تعتبر سابقاً المحطة النهائية لمرضى الانهيار العصبي أو حالات الجنون باتت اليوم تستقبل حالات أخرى تعاني من تعقيدات نفسية بسبب تغير نمط الحياة الجديد، ذلك النمط الذي يدفع إلى الانزواء أكثر من الانخراط في المجموعة فالبقاء في المستشفيات النفسية أو تناول الأدوية المتعلقة بالاكتئاب أو الأمراض النفسية سلوكيات قد تترتب عنها نتائج عكسية على الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب مزمن، ومن بين هذه النتائج الدرامية التفكير في الموت انتحاراً حيث بينت دراسات اكليكينية لمختبر متخصص لرصد ومتابعة الأمراض النفسية أن التفكير في الموت انتحاراً يتضاعف بشكل كبير عند الأشخاص الذين يتناولون أدوية لعلاج مرض نفسي وحالات الاكتئاب الشديد، ويزيد احتمال الانتحار عند الأفراد الذين يستقرون في المستشفيات النفسية ويعد الاكتئاب تبعا لهده الدراسة أهم دوافع الانتحار علاوة عن أسباب أخرى.
وتبعا لدلك زاد الاهتمام بدراسة الأمراض النفسية وتغير نمط السلوك الفردي بعد تحول مجتمعات كثيرة من مجتمعات ناشطة ومنتجة إلى استهلاكية بامتياز. حيث تراجعت اليوم نسب الانتاج الفردي من الأعمال التي تحتاج جهداً عضلياً أو فكرياً. إذ إن زيادة تعويل الاقتصادات على الآلة والتكنولوجيا سحبت الكثير من الوظائف العضلية والفكرية للفرد وأصبح إلى حد ما مستهلكاً فقط، وبذلك بات لا ينتج جهداً كما في السابق حيث ان هذا المرض يرجع استفحاله إلى تراجع وظائف جسم الإنسان خصوصاً الوظائف الدماغية والعضلية حيث يؤثر نشاطها من عدمه على الحالة النفسية للفرد، وقد تراجع الجهد العضلي والفكري للفرد في العمل خصوصاً بعد أن أصبح الكومبيوتر يحل محل وظائف بشرية كثيرة لا تجعل الإنسان يبذل جهداً ذهنياً مثل السابق أو يمارس نشاطاً عضلياً أو يشعر بالتعب وأسهم تقلص وظائف كان يقوم بها البشر وتكفل الكمبيوتر بها في نمو أخطر الأمراض النفسية المقلقة وهي مرض المزاجية الحادة الذي ثبت علمياً أنه قد يؤدي في حالات زيادة أوقات الفراغ عن نحو 8 ساعات يومياً من دون نشاط يذكر الى ظواهر سلوكية سلبية وبعضها مرعبة قد تصل بالشخص الذي لا يقوم بجهد عضلي أو فكري كل يوم إلى الاحساس باضطرابات نفسية قد تزيد من الأحساس بالميل إلى العزلة أو بالعجز والضعف وقد تدفع البعض إلى الأفكار الانتحارية، أما أهم الحلول المقترحة لعدم وقوع الفرد في غفلة الإصابة بآفة تقلب المزاج ثم الاكتئاب المزمن فتتمثل في البداية بعدم تعويل أي كان على أدوية الاكتئاب أو الأمراض النفسية علاوة على قيام ببعض التمارين النوعية. فعلى سبيل المثال يمكن أن يتعود المرء صباح كل يوم على تمارين رياضية لكل الجسم أو تمارين عضلات الوجه عبر تقليد معروف يتمثل في الابتسامات العريضة المتكررة يقوم بها الإنسان أمام المرآة هو مزيج من الرعاية النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب حيث تبين أيضا ان ممارسة التمارين تحسن المزاج.
فعلى كل من يرغب في أن تتغلب على الاكتئاب ان يسلك لنفسه الطريق الاقوم ما عدى الإدمان على الكحول أو المخدرات التي وإن نجحت موقتا في تغيير المزاج قليلاً فإنها تجعل الشخص يدمن على وسيلة واحدة لتحسين حالته النفسية ما يجعل الجسم متوقفاً على مخدر ما، وهو ما يقضي في مدة معينة على الحواس الطبيعية المؤثرة على الجهاز النفسي. أي أن الإنسان الطبيعي قد يقوم ببعض التمارين الرياضية فيتحسن مزاجه نتيجة التمرين، لكن المدمن وإن قام بالجهد نفسه فقد لا تتحسن حالته النفسية لارتباط جهازه العصبي بمفعول مؤثرات خارجية وهي الكحول أو المخدرات بل يجب أن يقوم بأي فعل أو عمل أو تمرين يحبه كي يحقق التوازن النفسي كما تجب عليه مشاركة أفراد يحبهم بعض الأعمال كأعمال البيت أو الطبخ أو المشي أو التسوق أو غيرها من الاعمال التي تشعره بانه شخص مفيد لمجتمعه و مبتكر وله قيمة ووزن خارج دائرة العمل والروتين القاتل.