تعلمنا وقرأنا في بعض الكتب الإسلامية أنّ كلّ ما لا نصّ فيه من قول أو فعل أو تقرير في باب العبادات مثل قول "صدق الله العظيم" بعد قراءة القرآن، وقول "تقبّل الله" بعد الصّلاة، وقراءة القرآن جماعة بعد صلاة المغرب كما جرى به العرف في المغرب ونحو ذلك هو في ذاته بدعة، ولا فرق بين بدعة وبدعة. فالكلّ ضلالة كما نطق بذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ! وأن علينا أن نفهم كلامه صلّى الله عليه وسلّم حرفيّا بلا تأويل.
ومن ذلك أن نفهم أنّ الأصل في العبادات التّوقيف بلا تفصيل، هذا ما تعلمناه وكان من باب المسلمات وﻻ جدال وﻻ نقاش فيه؛ وإﻻ فأنت فاسق زنديق محل للبدع والضلالات وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. هكذا قال جدنا صلى الله عليه وسلم؛ هل فعلا ماقاله بعض ساداتنا العلماء في هذا اﻷمر هو الحق المطلق، أم أن هناك تناقض في كلامهم وعدم إدراكهم لحقيقة البدعة الضلالة التي جاءت في الحديث النبوي؟ مع أننا إذا استحضرنا الكثير من أقوال الصحابة أو أفعالهم وخاصة في أحوال مخصوصة كدعاء أبي بكر رضي الله إذا مُدح: "اجعلني خيرا ممّا يظنّون ..."، وكدعاء ابن مسعود رضي الله عنه لإيجاد الضّالّة: "اللهمّ رادّ الضّالّة ..."، وكدعائه ودعاء ابن عبّاس رضي الله عنهما في الدّخول على السّلاطين: "اللهم كن لي جاراً من فلان ..." ونحو ذلك ممّا لا يصحّ إلّا موقوفًا...
هذا مع عدم إنكار السّلف ومنهم الصّحابة أيضًا لأصل التّخصيص في الدّعاء بـ: "تقبّل الله" إذ كانوا ممّا يقول بعضهم لبعض ذلك في العيد! مع اتّفاقهم كذلك على تحرّي الدّعاء عند ختم القرآن واﻹجتماع له كما كان يفعل أنس رضي الله عنه، مع ما يلزم من مسلكنا من أن نلحق بدء القراءة في التّراويح من أوّل القرآن إلى أن نختمه في آخر الشّهر بالبدع، بل أن نلحق التّراويح نفسها على الشّكل الذي وجدت عليه بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالبدع، ومن ذلك التّواعد لها والمواظبة عليها؛ بل وأن نلحق قولنا "رضي الله عنهم" نفسه بالبدع، وكذا يكون الحاجز بين النّساء والرّجال في المساجد، والمحراب والمئذنة والنّجم والهلال فوقها وجمع القرآن في مصحف واحد وتنقيطه وتشكيله بالنصبة والفتحة والكسرة والضمة وغير ذلك ممّا لا يُحصى كثرةً، من البدع الضلالة، وهكذا نجد ساداتنا العلماء الذين سلكوا هذا المسلك في تناقض بين وواضح ﻻ مخرج منه إﻻ بتراجعهم واعترافهم بأن هناك بدعة ضلالة وبدعة حسنة، كما أن هناك بدع حقيقية وبدع اضافية، ويحصل التناقض بينهما لكلّ من لا يفرّق بينهما لعدم تنقيحه المناط المنضبط للضّلال في البدع؛ وإﻻ فحياة المسلمين اليوم جلها بدع وضلالات انطﻻقا من الحديث الشريف "كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.." وهذا المفهوم للبدعة غير صحيح وﻻ يستقيم.