إن حالة "البلوكاج" السياسي التي يوجد بها المغرب حاليا تطرح تساؤلات بخصوص انعكاساتها على مالية الدولة و مدى توقع المشرع لوقوع مثل هده الفرضية، حيث يمكن توصيف الوضعية الحالية من خلال ثلاث عناصر أساسية: - وجود حكومة تصريف أعمال و عدم تشكيل حكومة منبثقة عن الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، - احتجاب عمل مجلس النواب بسبب غياب التوافق السياسي، - توفر مشروع قانون للمالية لسنة 2017 تم إعداده من قبل الحكومة المنتهية ولايتها. و التساؤل هو ما مآل وثيقة الميزانية في ظل هده الوضعية؟ الدستور في فصله 75 و القانون التنظيمي لقانون المالية في فصله 50 أجابا على إشكالية غياب قانون المالية في فاتح يناير من السنة عبر حل انتقالي يتمثل في قيام الحكومة بإصدار مراسيم لفتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية و القيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة على الموافقة، و هو حل انتقالي إلى غاية المصادقة على مشروع قانون المالية المعروض على أنظار البرلمان (المشروع الحالي تم إعداده لكنه لم يعرض بعد على أنظار البرلمان لغياب مجلس النواب بسبب تعذر تشكيل هياكله الناتج بدوره عن تعذر معرفة مآل التحالفات)، و هدا الحل ترجمة لمبدأ استمرارية المرافق العمومية في أداء مهامها كتجسيد لمبدأ استمرارية الدولة. و بناء على هذا الحل يتم إصدار مرسومين هما: - مرسوم فتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية، - مرسوم خاص بالأحكام المتعلقة بالمداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية و المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها. حيث يتضح من خلال هدا الحل الانتقالي أنه يقتصر من جهة على نفقات التسيير و من جهة ثانية على المداخيل، و بالتالي فهو يتجاهل نفقات التجهيز، مما يعني تأثيرا مباشرا على مختلف معاملات الدولة مع شركائها الاقتصاديين و الاجتماعيين و بالتالي تعطل جزء من الحياة الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد، مما يعني أن هناك ضررا أكيدا من استمرارية هده الوضعية، تتطلب من الفاعلين السياسيين التعجيل بالتوافق السياسي للخروج من وضعية "البلوكاج" الاقتصادي و الاجتماعي و تداعياته السلبية المختلفة.