حميد لبيلتة : الثورة السورية اغتالتها الجماعات المسلحة المتطرفة

حميد لبيلتة : الثورة السورية اغتالتها الجماعات المسلحة المتطرفة

في خضم الحراك العربي الذي انطلق سنة 2011 ، فما سمي بالربيع العربي، و بعد نجاح ثورة تونس السلمية، شهدت العديد من الدول العربية موجات شعبية، تطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة. ولم تستثن سوريا من هذه الانتفاضات الشعبية، وفي بداية هذا الحراك الشعبي تمت مواجهته بوحشية في العديد من الدول العربية إلى أن تمكنت هذه الانتفاضات بمصر وتونس وليبيا من أسقاط رؤسائها.
غير ان السياق الذي طبع الثورة السورية السلمية في بدايتها خرج عن قواعد الحراك السلمي إلى ثورة مسلحة، قادها أفراد من الجيش وجماعات إسلامية مسلحة متطرفة، هذا الانحراف عن الطابع السلمي للثورة السورية جاء على خلفية تصفية حسابات سياسية مع نظام بشار الأسد - فيما عرف بمحور الممانعة- وبعض دول الخليج، خصوصا السعودية وقطر، التي كانت تناهض هذا المحور، وكذلك نظام أردوغان بتركيا وحلفاؤه في حركة الاخوان الدولي في مصر وتونس على وجه الخصوص، إضافة إلى تواطؤ كل من فرنسا وأمريكا وبريطانيا، بالإضافة إلى الدعم الصهيوني الإسرائيلي المباشر وغير المباشر ، بحيث قامت تركيا والأردن بتسهيل عملية عبور و تسلل المسلحين من جميع الجنسيات وخصوصا المغاربيين ومن أوربا الغربية.
إذن الصراع في سوريا اتخذ طابعا مغايرا لما شهدته مصر وتونس، لذلك يجب استحضار هذه العوامل والمعطيات لتحليل الحرب التي تدور رحاها في سوريا، إذ حاول هذا الائتلاف الدولي من القضاء على نظام بشار الأسد في سنة 2012 حيث كان نظام الأسد قاب قوسين أو أدنى من السقوط في دمشق إلا أن وقوف الصين وروسيا داخل مجلس الأمن قلص من فرص أمريكا وفرنسا للانقضاض على النظام السوري، كما غيرت روسيا من تكتيكها في دعم بشار الأسد والدخول المباشر في الحرب الجوية والبحرية إلى جانب فرق مسلحة من إيران وحزب الله، الشيء الذي عجل بتراجع الجماعات المسلحة المتطرفة ، وتم استرجاع مناطق كانت تحت سيطرة داعش والنصرة وفتح الشام.
وكانت مدينة حلب مركز عصب وقاعدة الجماعات المسلحة المتطرفة ودروع بشرية أمامية في المواجهة المسلحة، إذن كانت مدينة حلب العمق الإستراتيجي لفرض النظام سيطرته وسيادته على سوريا، وبالتالي كانت حربا قوية ومدمرة لإخراج الجماعات المسلحة ، لكن بالمقابل كانت لها كلفة جسيمة على ساكنة حلب نتيجة الحرب الجوية والبرية لروسيا والجيش العربي السوري .
والخلاصة أن الثورة السلمية السورية تم اغتيالها من طرف الجماعات المسلحة المتطرفة ومن يدعمها ماديا وعسكريا، والضحية هم الأطفال والنساء والشيوخ والمهجرين المشردين.