المخيمات من الإنضباط شبه العسكري إلى تحرر موسع بأيام أقل.. (2/6)

المخيمات من الإنضباط شبه العسكري إلى تحرر موسع بأيام أقل.. (2/6) ص̃ورة أرشيفية. وفي الإطار محمد المذكوري، عضو المكتب التنفيذي لحركة الطفولة الشعبية

توسعت المخيمات ببلادنا في ظروف الحرب التي منعت أبناء الفرنسيين من السفر إلى بلادهم لقضاء العطلة بين ذويهم، وعرفت تطورا كبيرا بينهم ولدى أبناء البلد أنفسهم بحكم أنها تطورت من حاجة مجتمعية لحل مشكل العطلة إلى حاجة حق مشروع باعتبارها جزءا من الحق في الترفيه، ولتناسقها مع ممارسات عرفية لدى المجتمع المغربي المتمثلة في النزاهة لدى كل الفئات و بمناسبات مختلفة، وتطورت أشكالها من مخيمات موسمية إلى مراكز اصطياف، واكتسبت أهمية تربوية غير متنازع حولها باعتبارها مجتمعا مصغرا يؤثر في تكوين شخصية الأطفال، وباعتبارها موصلا مثاليا للقيم والمثل التي يعمل عليها القائمون بهذه المخيمات.

ففي البداية بدأ الفرق بين النظم الكشفية والنظم الحية في التربية، ثم تطور إلى المشاركة والحياة الجماعية، ثم إلى التمتع بالوقت الحر والحقوق، واختلفت طرق التدبير والتسيير من انضباط شبه عسكري إلى تحرر موسع، ومن التزام بالنشاطات المقررة إلى حرية اختيار النشاط المرغوب فيه، من توفير الظروف لممارسة أنشطة غير عادية إلى ممارسة أنشطة مبسطة ممتعة ومفيدة، وحتى الأكل عرف ويعرف ممارسات بين توفير الأجود وبين توفير الضروري، بين العمل على تنويع مبالغ فيه وتنويع متوازن، بل من التجارب من خلق اضطرابا اجتماعيا لدى الأسر بحكم سلوكات لا تراعي المستوى المجتمعي للمخيمين، ومن مخيمات القطاعات الخاصة وشبه العمومية والحكومية - هذه الكيتوهات، من عاش مشاكل أبناء الفئات العليا في هرم المؤسسة مع أبناء المستخدمين من الفئات الدنيا الذين يفرضون نفس الهرمية حتى في المخيم، وأضحت المخيمات مختبرات تربوية بالنسبة للملتزمين باختيارات تربوية ومناسبة للترويح والاستجمام فقط بالنسبة لآخرين بدون هوية تربوية، أو لعلهم بهوية غير معلومة.

ومن جهة أخرى، يلوح البعض بضرورة تخفيض أيام التخييم؟ فقط من أجل رفع عدد المستفيدين!  ويتناسوا أهمية قضاء عطلة تأسست على ضرورة تغيير الجو (طقسا ومعيشة وبرنامجا) مدة كافية صحيا وتربويا، فالرواد لم يأتوا بثلاثة أسابيع من عبث، بل بدراسات وممارسة وتجريب، وكان تخفيض أيامها في بلدنا مواجهة لنقص في الميزانية المخصصة لذلك في زمن أراد مسؤولوه تسبيقا لأولويات أخرى على المخيمات وربح موارد إضافية لها من ميزانيتها،

و مدة التخييم أصبحت 15 يوما ثم اثني عشر عوض 21 يوما وهو راجع لاعتبارات غير مفهومة تطورت منذ أكثر من 30 سنة عندما تزامنت العطلة الصيفية مع شهر رمضان أو بعض الأنشطة الرياضية الوطنية والدولية الكبرى فقضى بعض المسؤولين بضرورة تقليص مدة التخييم؛ بينما تأكد أن الاستفادة من برامج تربوية منسجمة وتغذية متوازنة وتغيير الجو لا يتحقق إلا بقضاء ثلاثة أسابيع فما أكثر خارج النظام العادي، وهذا جزء مظاهر للأزمة التي تتزايد سنة عن أخرى باعتبار تراكم نفس القضايا والسلبيات.

كيف نفسر أن حوالي 150000 طفل من أصل عدد الأطفال بين سن 10 و 14 سنة (أي المقبولون حسب القانون في المخيمات الصيفية) هم الذين يستفيدون فقط من المخيم. فهل هذا هو كل ما يمكن فعله؟ وهل سنظل في كل سنة نرقى ونتقهقر بين أرقام لا تغطي كل حاجيات الأطفال في قضاء عطلة بين خلانهم؟ وهل يعتبر هذا انجازا؟ فإذا قورن بحاجات الأطفال المغاربة، فإن هذه النسبة لا ترقى لحاجيات المجتمع الذي يتأكد كل يوم اقتناعه ووعيه بالمخيم كمؤسسة مجتمعية ذات وظيفة مؤكدة إن كمساهم في التربية وإن في حل مشكلة عطلة الأطفال، التي أضحت في آن واحد حقا ومشكلة، حقا طبيعيا للاستراحة من عناء سنة دراسية بالنسبة للمتمدرسين ومشكلة بالنسبة للأسر باعتبار الفراغ الحاصل في برنامج الأطفال وقلة الإمكانيات المجتمعية للتمتع بالعطلة، فأصبح بذلك المخيم هو البديل المجتمعي المنظم والمؤمن للأطفال ولأسرهم.