سعيد جعفر: القراءة السياسية لتوصية بنكيران لشبيبته بالعناية بالحمار !!

سعيد جعفر: القراءة السياسية لتوصية بنكيران لشبيبته بالعناية بالحمار !! سعيد جعفر، باحث في سوسيولوجيا الدين

اعتبر سعيد جعفر، الباحث في سوسيولوجيا الدين، وهو يتساءل حول ماذا يقصد بنكيران أمام شبيبة البيجيدي بعبارته/حكايته: "أنا عزيز علي الحمار كنت كنقسم معاه الفنيد، لهذا كنوصيكم بالاهتمام بالحمار راه الوقت دوارة ". -  اعتبر- بأن عبارة الحمار وتوصيته للشبيبة والحزب خيرا به لها قراءة سياسية أخرى. كيف ذلك؟

يقول جعفر في حديثه إلى جريدة "أنفاس بريس": إن الإسلاميين في العالم العربي ومنهم الإسلاميين بالمغرب استفادوا من مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي انطلق عمليا سنة 2011، وهو المخطط الذي كان تحت رعاية الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي كان يرأس في تلك الفترة الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الراعي الرسمي للمخطط هي "هيلاري كلينتون".

ويضيف جعفر، أنه من هذه الزاوية كانت الإدارة الأمريكية ترعى مخطط إعادة هيكلة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبطبيعة الحال هي هيكلة تدخل في الإطار الجيو استراتيجي والجيو بوليتيكي إلى غير ذلك، ومن هذا الجانب كانت الرعاية الأمريكية للإسلاميين قائمة، من حيث أن الإسلاميين كانوا دائما ليبراليون وهذا هو توجههم الاقتصادي. فالإسلام، يردف محدثنا، لا يتطلب عندهم مشروعا اقتصاديا واضحا. وبالتالي هذا المعطى جعلهم يلتقون مع التواجد الأمريكي في العمق، ومن تم عملت الترتيبات الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تولية أنظمة ذات طابع إسلامي. 

والذي حدث، يتابع سعيد جعفر، هو أن التوجهات العامة للإدارة الأمريكية تغيرت خطاطتها العامة فيما بعد، وأصبحت تنحو منحى آخر. إذ أنها دخلت في حوارات كثيرة مع أطرف متعددة التي من ضمنها الصين وإيران وتركيا وروسيا وغيرها من الدول، ولم يبق الإسلاميون ضمن الأجندة العامة للإدارة الأمريكية، ومن هنا يمكن القول جاء التوجه الجديد لهذه الإدارة تحت قيادة الرئيس الجديد "ترامب" والذي سيتخذ موقفا من الحركات الإسلامية ومن المواقف الإسلامية. وسيصنف مجموعة من الإسلاميين والجمعيات والحركات الإسلامية كحركات إرهابية، بما في ذلك حركات حماس والتوحيد والإصلاح وحزب الله.

ومن هذا الباب إذن، يرى الباحث والمحلل جعفر، يجب فهم ترميز رئيس الحكومة السابق ورئيس حركة التوحيد والإصلاح السابق السيد عبد الإله  بنكيران، باستعمال قصة الحمار وضرورة العناية به، فهو يريد القول بأنه يجب محافظة حزبه "البيجيدي" على علاقاته مع الحزب الديمقراطي الأمريكي والذي يتخذ الحمار كرمز له وعدم الانسياق وراء حليف جديد الذي هو فرنسا وترتيب العلاقات معها. ونذكر هنا، يضيف جعفر، موقف السيد لحسن الداودي من مقاطعة شركة "سنترال  للحليب" المملوكة للدولة الفرنسية.

ويستطرد سعيد جعفر بأن بنكيران قصد في خرجته أمام شبيبته، أنه لا يجب أن ننسى الحمار أي الحزب الديمقراطي الأمريكي والعائلة المتحكمة فيه، والتي هي عائلة كلينتون وارتباطاته. وبالتالي، فبنكيران كان يؤكد على أن حزبه يجب أن يرتبط ويبقي العلاقات قائمة مع حزب الحمار والذي "نعطيه الفنيد" بمعنى يأخذ الحزب الديمقراطي مكتسباته ومصالحه الاستراتيجية، لهذا يخاطب بنكيران شبيبته أوصيكم بالحمار والحزب الديمقراطي الأمريكي والحفاظ على العلاقة معه، لأن خمس سنوات من حكم الجمهوريين وخطتهم الجديدة ستنتهي ويجب الإبقاء على الحزب الديمقراطي الذي دعم  حزب العدالة والتنمية سابقا وساعده في الدخول إلى الحكم.

   وأشار سعيد جعفر إلى أنه وكما قال المفكر محمد سبيلا في مذكراته، فالمغرب قارئ جيد ويستشعر جيدا للتحولات الدولية ويتكيف معها بسرعة كبيرة، ويشهد على ذلك نجاح المغرب في تدبير مرحلة 2011، وأيضا في اندماج الإسلاميين في اللعبة برعاية أمريكية وأساسا برعاية الإدارة الأمريكية على عهد الرئيس أوباما وعهد الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي كان يحكم آنذاك. لذلك، يختم سعيد جعفر: "أعتقد أنه من هذا المنطلق يمكن فهم خرجة بنكيران الأخيرة".