لما تصير البيوت مقلاة لساكنيها.. المغاربة بين ديمقراطية الحرارة وديكتاتورية الإمكانيات

لما تصير البيوت مقلاة لساكنيها.. المغاربة بين ديمقراطية الحرارة وديكتاتورية الإمكانيات حقيقة شي ساكن وشي مسكون..

ونحن في الأسبوع الأول من شهر غشت، حيث إصرار الطقس على الوفاء لحرارته العالية ككل فترة مماثلة لفترات السنوات السابقة. يختلف طبعا تأثير تلك الأجواء ليس بين منطقة وأخرى فحسب، وإنما بين شريحة اجتماعية وغيرها تأسيسا على مستوى عيشها.

ومن هنا يستمد وجه المقارنة مشروعيته، إذ في الوقت الذي تتوافر كامل الإمكانيات للبعض حتى يتحكم في ظروفه المادية من أجل تطويعها خدمة لراحته، يجد البعض الآخر نفسه مرغما على تذوق شتى تجليات القهر والمعاناة، وبدون أي سبيل للترويح اللهم عزاء العبارة الخالدة "اللي جا فوقتو ما يتلام" كمسلك لتنفيس داخلي مضغوط.

ومع ذلك، يظل الوضع هو الوضع أمام قصر ذات اليد، خاصة حين يكون السكن مصدرا إضافيا لتلك القسوة المناخية، وعاملا مساعدا على تأجيجها كما هو حال قاطني دور الصفيح التي تتحول بمجرد إشراقة شمس كل صباح إلى مقلاة حارقة لهم. والأكيد، أن الحديث عن الدور القصديرية يغني تلقائيا عن الاستغراق في طبيعة الوضع المادي لأصحابها، وما يطرحه في طريقهم من صعوبات اقتناء أجهزة التبريد، فبالأحرى التفكير في حق الاستجمام السنوي بعيدا عن البيت "الصفيحي".

لذلك، يمر اليوم عند هؤلاء كالأمس، والمؤلم وجود كل المؤشرات التي توحي بأن المصير عينه سيكون نصيب الغد. طالما أن لا حظ لهم في مسؤولين على قدر المسؤولية، ولا أمل عندهم في وعود أجهضت سابقاتها، بل حتى من دفعوا بهم للدفاع عن مصالحهم في البرلمان "سبقو الشكوى". مما يفهم منه ضمنيا أن أيديهم نفضت من أي هم شعبي، وهم المترفين واقعيا، سواء اعترفوا بذلك أو حاولوا النفي لـ"إبعاد العين". أما سعد الدين وتوليفته، فلم يجدوا حرجا في الاصطفاف لإتمام ما بدأته تركيبة سلفه بنكيران ضد المكتوين بنار التقشف، رغم أوهام الكلام المعسول الذي لم يكشف سوى عما يأتي من قبيل "الذبح بالقطن".