نعلم أن تشكيلة الأصالة و المعاصرة – البرلمانية – غير قادرة على اتخاذ القرار و قيادة المعارضة ، والحزب تاه بفعل نتائج 7 أكتوبر لأنه وضع كل بيضه في سلة و منصب قيادة الحكومة افتراضا ، ولم يصب تقديره ، وآليات المعارضة لم تكن هذه المرة مبرمجة ضمن أجندته . وحتى إذا افترضنا إمكانيات مناورة قيادته ، فتشكيلة ممثليه في البرلمان غير قادرة على المغامرة في صف المعارضة بحكم مصالحها و عدم تجانسها . و المأزق صار واقعا أمام الجميع . قد يكون من حكم التفاعل و الصراع أن بنكيران يفاوض من موقع ضعف ، كي يحافظ على أغلبيته في الحكومة . و قد يكون ، و بنفس المنطق ، أن الأحزاب و المكونات السياسية و قوى المصالح الأخرى تريد أن تربح الصراع مع بنكيران داخل أروقة الحكومة ، وتجعل منه أقلية رغم تصدره نتائج الانتخابات . وكلفة الولاية الثانية بالنسبة لحكومة العدالة و التنمية لن تكون سهلة هذه المرة ، و ربما أن تقييم أدائه في الولاية الأولى قد حان بعد أن نفذ الكثير من القرارات التي أنهكت الذين صوتوا عليه و الذين صوتوا ضده و الذين لم يصوتوا ، وهم أغلبية عددية بالضرورة و بالمنطق العددي .. و في هذا السياق ، الذي لا يترجم بالمرة تفاعل المكونات السياسية كلها من أجل تفعيل المؤسسات ،و إخراج حكومة منسجمة و مسؤولة – على الأقل وفق نتائج الانتخابات و مقاصد الدستور – نلاحظ أن حكومة تصريف الأعمال تشتغل في هدوء تام و سلام شامل ، كأن المواطن و المتتبع و الفرقاء و الفاعلين استحسنوا الوضع ، وارتاح الجميع ... وفي هذا الأمر خطورة غير معلنة ، وتصريح مضمر ،أن بإمكان المغرب أن يسير بدون حكومة منتخبة من الشعب ، وأن يسير بدون برلمان – بغرفتيه - . هو التواطؤ الذي يشارك فيه الجميع بتزكية من حزب العدالة و التنمية الذي استحسن قائده اقتطاع وقت ميت طويل في انتظار وحي ما ، أو حل ينزل من السماء .