الغضب الروسي لم ينتظر طويلا حين أفضى احتجاج السفير الروسي إلى قيام وزارة الخارجية المغربية بإصدار بلاغ لتوضيح الموقف الرسمي للمغرب من الأزمة السورية. وأوضح البلاغ أن المغرب "منخرط لصالح حل سياسي يضمن استقرار سوريا، ويحمي وحدتها الوطنية وترابها الوطني"، وأنه "منشغل بالمآسي الإنسانية الكبيرة التي خلفتها الأزمة السورية". وأفاد البلاغ أن "الإجراءات العملية، تكون بتعليمات من ملك المغرب، لتخفيف المعاناة عن الشعب السوري الشقيق، ونسجل هنا إقامة مستشفى في 2012 في مخيم الزعتري، للتسوية الاستثنائية لوضعية اللاجئين السوريين في المغرب، والمساهمة الفعالة في الدعم الإنساني للشعب السوري". وزاد البلاغ: "المغرب مقتنع بأن حل الأزمة السورية، يستلزم انخراطا قويا من المنتظم الدولي، خاصة الدول القوية القادرة على العمل على أرض الواقع والتأثير على مجرى الأحداث". وشدد على أن "المغرب يحترم الدور الذي تقوم به روسيا في هذا الملف وفي غيره من القضايا الدولية". وأفاد البلاغ أن المواقف الرسمية للمغرب "تأتي عقب تقييم عميق ومسلسل من التفاعل والتثبت بانخراط عدد من الفاعلين والمؤسسات، لا يمكن لهذه المواقف الرسمية، بالنظر لتعقدها وخطورتها، أن تكون محط ارتجال، أو أن تعبر عن وجهات نظر شخصية". فما معنى هذا الكلام؟ معناه أنه يتوجب على رئيس الحكومة أن يبلع لسانه، وأن لا يتركه يتحرك جيئة وذهابا لإفساد ما تفصد الآخرون عرقا من أجل إنجازه. ثانيا، لماذا يعرض نفسه لـ"التوبيخ" إذا كان مدركا لخطورة تصريحاته على المصالح الكبرى للدولة، وإذا كان على اطلاع واسع، انطلاقا من موقعه في الدولة، على الموقف الرسمي للمغرب من الأزمة السورية؟ لماذا سيضطر لالتزام الصمت أمام بلاغ وزير الخارجية الذي وصف تصريحاته بالارتجال، وأنها تعبير عن مواقف شخصية؟ هل نسي رئيس الحكومة أنه يمثل دولة، ؟ لماذا اختار رئيس الحكومة لغة الالتباس بدل لغة الوضوح؟ ولماذا ليس بإمكانه الرد على بلاغ وزارة هو عمليا رئيسها الفعلي؟ هي أسئلة كثيرة موجهة إلى رئيس الحكومة الذي يندفع وراء مواقف لا تخدم المغرب، وتعرقل تقدمه في اتجاه الوصول إلى تسوية نهائية لنزاع الصحراء. ذلك أن روسيا عبرت، مؤخرا، عن تفهمها للموقف المغربي، وانخرطت بكل فعالية من أجل تسهيل تنزيله. كما أن مواقفها داخل مجلس الأمن تتجه نحو دعم المصالح المغربية.