محمد المرابط : حراك الريف بين مرجعية منتدى حقوق الإنسان ،ومرجعية الفوضوية السياسية

محمد المرابط : حراك الريف بين مرجعية منتدى حقوق الإنسان ،ومرجعية الفوضوية السياسية محمد المرابط
سبق أن راكمت كتاباتي السابقة معطيات تسمح اليوم بالتعاطي مع هذا العنوان، بشكل مستقل، خصوصا بعد التأكيد"الرسمي"على لسان الدكتور التدموري، المنسق العام لمنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب،في برنامج "ساعة للإقناع"مؤخرا،بقناة "ريفيزيون"،على حضور المرجعية "السياسية" للمنتدى في حراك الريف.
طبعا سأستثني من هذا التحليل حراك تامسينت،بؤرة خط الزلزال الاجتماعي في الريف،الذي ما زال متواصلا،بخصوصية الانتماء لقاعدة"الحرم"المرابطي-أسوة بالطقس"القاعدي"في الحرم الجامعي-لرفاق نوفل أولاد حدو.وسيلاحظ القارىء،أنه كلما اشتد احمرار أعين الدرك،إلا وسارعت أوصي خيرا بحراك تامسينت،على الأقل للحفاظ على"قاعدة" الحرم الإدريسي بقبيلة أيت ورياغيل،علما أن"حرم"إمرابضن الإدريسي،يمثل خمس القبيلة.وبهذا يظهر على الأقل أن المخزن"يراعي"نسبيا بعض الخصوصيات التاريخية،كما فضيلة الحوار هناك،في انتظار ضرورة مراعاة الحريات العامة ككل لا يتجزأ.
سأقف على حراك الحسيمة ضمن دائرة من دوائر هذ الحراك،على رؤيتين،بالرغم من وقوعه ضمن دائرة أخرى، تحت أسر تناقض المقاربة الأمنية في شقها المدني والعسكري:
الأولى وقد تم لها النجاح،وتعتمد فلسفيا على الفوضوية السياسية،وتنهل من مقولة "من تحزب خان" للقذافي. ورضوان أسويق الذي يعتز بكونه فوضويا،هو الذي هندس للمسافة بين مفردات الملف المطلبي وصيغ التعبير عنه،لإطالة أمد الحراك بغية تخصيبه أكثر بجرعات الرهان الجمهوري.وضمن هذا المنظور تحدد دور الأستاذ البوشتاوي في الاستفراد برأس الزفزافي،ليتوج ذلك برحلته الأوروبية التي تجاوز فيها دوره كمحام لمعتقلي إمزورن ،إلى الناطق الرسمي باسم الحراك،لترخي بعد ذلك نتيجة هذه الزيارة على إيقاع التصعيد بالداخل ،بما في ذلك الانتقال بالحراك من الشارع إلى المسجد.هذا التيار الفوضوي بهجومه على المخالفين والأحزاب والجمعيات،والارتقاء بالحراك إلى مقام التقديس لتكريس الاستبداد في الرأي،لم يكن يملك رؤية سياسية واضحة لتدبير صيرورة الحراك،على أرضية الملف المطلبي،بل حاول إضفاء المشروعية على تخبطه-الذي اقتنصه سعيد شعو و فريد أولاد لحسن وبلال عزوز وعبد الصادق بوجيبار ومصطفى ورغي ويوبا الغديوي،ونوفل المتوكل-انطلاقا من ميراث مولاي موحند.والحال أن الميراث السياسي لمولاي موحند استقر تاريخيا وبإرادته في مدرسة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية.
أما الرؤية الثانية،فقد مثلها مناضلو منتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان،بخبرتهم التنظيمية ورؤيتهم السياسية في ظل سقف مطلب التدبير الذاتي للجهات التاريخية بالمغرب،لكن حضورهم كان مرجوحا،بفعل هجمة الجمهوريين المركزة على المنتدى،و على الأستاذالمجاوي ورفاقه في الحراك.ولعل هذا ما يفسر المواكبة النقدية التي تولاها الدكتور التدموري للحراك.ويحسب له تمسكه بترشيد الحراك من الداخل،والتصدي في الخارج لأصحاب ما يسميه بجمهورية اللايف في حدود علامة الأربعين،أي في حدود الريف اللسني.لكن التدموري سيتلقى من خلال طرحه أرضا والدوس الأمني عليه،ثم لاحقا من خلال منعه من الحوار مع المعتقلين،رسالة المخزن الرافضة لنهج الاعتدال.لكن خروج الأستاذ جلول من السجن والتحاقه الفوري بالحراك،كان يؤشر على إمكانية تصحيح اختلالات هذه المعادلة،لكن الهندسة المخزنية،وهي تستثمر في مناخ الفتنة،أمهلته الحرية عشرات الأيام لتعيده إلى السجن بعشر سنوات،على خلفية معتقد الأوطونوميات.وقد كان من باب الأخلاق أن يبادر الأستاذ العثماني رئيس الحكومة إلى اقتسام هذا الحكم الجائر مع جلول،لأنه سبق أن حرض الريفيين على الحكم الذاتي،لكن سياسة الحكومة الملتحية فتحت مع الأسف،أبواب جهنم للمغاربة وحتى للملكية أيضا.
والملاحظ أن الجمهوريين بأوروبا حاولوا التقرب من جلول بقراءة رسالته في مسيرة أوسلو،وقد كانت مخصصة لمسيرة دينهاخ التي حضرها  الزفزافي الأب،والتي ما زالت علامات الاستفهام قائمة حول استبعادها مع كلمته.وكذلك تمت قراءة رسالة أخرى لجلول في مسيرة الجمهوريين بأنتويربن،والتي أثارت تحفظ عائلته على توظيفها المشبوه.
وإلى جانب هذا، لمنتدى حقوق الانسان لشمال المغرب تنسيقية أوروبية،تنهض هناك مع مناضلي النهج الديموقراطي،وباقي الحساسيات اليسارية والديموقراطية،في بلورة توجه عام جنيني،لمواجهة النزوع اليميني المغامر للجمهوريين في حراك الريف بأوروبا.
هذه الخطاطة العامة لمعادلة الحراك في أحد مستويات دوائرها،تحلينا على سؤال ما العمل الآن؟
الجواب تولته المبادرات المدنية،وجمعية تافرا للوفاء والتضامن،والاحتضان المجتمعي في مسيرتي الدار البيضاء والرباط.لكن في خضم الصياغة الجماعية لهذا الجواب،لا بد من حوار داخلي صريح بين المعتقلين لتقويم المسار.وأيضا لفت عناية جمعية تافرا إلى ضرورة حسن تعبيرها النضالي،فرئيسها اعزي أحمد،الذي سبق أن طرح نفسه وسيطا وما ينبغي له،وضع نفسه في مسيرة الرباط في موقع القطيعة مع القانون الأساسي للجمعية ،تماما كأداء ناصر مع الملف المطلبي للحراك.فمن يستدرك من؟