روسيا توفقت في تغيير نظرة العالم إليها

روسيا توفقت في تغيير نظرة العالم إليها هشام رمرم
أرى أن دولة روسيا لم تنجح في تنظيم أكبر تظاهرة كروية في العالم فحسب، بل إنها توفقت في تغيير نظرة العالم إليها.
حدث من قيمة مونديال كرة القدم هو ليس فقط ما تنقله الكاميرات الرسمية المكبلة بالعديد من القيود المهنية واللامهنية، بل هو أيضا كل ما يجري ويدور خارج مجال هذه الكاميرات.
زرت دولا عديدة من مختلف القارات، عبر العالم، في إطار مهني وسياحي، غير أن ما تركته روسيا من أثر علي لا تنافسها فيه أي دولة أخرى من بين تلك التي سبق أن زرتها.
روسيا هي ذلك التاريخ الطويل من حكم القياصرة والشيوعيين والاشتراكيين، وهي كل ما تبقى من الإمبراطورية السوفياتية، وهي أيضا زعيمة الحرب الباردة مع أمريكا ومعسكرها الغربي. هذا كل ما يمكن أن يعلق بالذاكرة من صور نمطية عن دولة من يرى حاضرها اليوم سيسقط في حبها.
روسيا حريصة على تذكير شعبها بتاريخه، فهذا التاريخ موجود في كل مكان. في محطات المترو، التي هي عبارة عن متاحف، وفي الساحات العمومية حيث تنتصب التماثيل بمختلف أشكالها وأحجامها، وفي الشوارع الفسيحة، التي تحتضن بنايات من مختلف الحقب.
إنه تاريخ بسطوته المادية واللامادية، نجح في أن يضفي خصوصية على مجتمع اختار أن يدخل مجال اقتصاد السوق والليبرالية بلمسته الخاصة، التي لا تخطئها العين. بنية تحتية رفيعة ولمسة جمالية في كل شيء يقع عليه نظرك.
حسب ما عايشته واستقيته فإن خصوصية البلد تكمن في تاريخه الذي صنع جيلا منضبطا ومفتخرا بماضيه يساهم هو أيضا في صناعة مستقبل ستفتخر به الأجيال المقبلة.
أكيد أن منتخب روسيا فشل في بلوغ نصف نهائي مونديال يقام على بلده، لكن هذا البلد ربح حسن التنظيم ونجح في إيصال صورة جديدة عنه يختلط فيها الجمال شكلا ومضمونا بالتسامح والتواضع والانفتاح والحاضر المزدهر.