محمد المرابط: مدونة السلوك لربح مرحلة استئناف أحكام معتقلي الحراك

محمد المرابط: مدونة السلوك لربح مرحلة استئناف أحكام معتقلي الحراك محمد المرابط

اعتبرت في مادة: "هل تتبرأ الدولة من الأحكام المخزنية على قادة حراك الريف؟"، أن المرحلة تستوجب من المعتقلين ودفاعهم وعائلاتهم والمبادرات المدنية، العمل بقدر من التنسيق، لما يتطلبه العمل الموازي لمحطة الاستئناف.

طبعا الوصول لمحطة الاستئناف لم يكن أمرا سهلا، لرفض المعتقلين أصحاب عشرين سنة استئناف الأحكام، ربما لأن هذه الأحكام وحدتهم، أو أنها تغري باستمرار موقف "خليه يحكم" الذي اعتبره الجمهوريون رفضا ل"محكمة الاحتلال". لكن ماهو جدير بالاهتمام أن هناك جهدا بذله منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، الذي حث المعتقلين، على التشبث بحقهم في استيفاء جميع مراحل التقاضي وعدم التخلي عنه في الدفاع عن براءتهم، كما بذلته عائلات المعتقلين وهيأة الدفاع، ومناشدة بعض الفعاليات. كل هذا أثمر إرادة استئناف الأحكام.

بلوغ هذه المحطة وفي أجواء رافضة لقسوة الأحكام، تسائل مسؤوليات هذه الأطراف:

1-  نتمنى على رئاسة النيابة العامة، أن تمنحنا بعض الاطمئنان، بعد مرور الأستاذ محمد عبد النبوي في برنامج "ضيف الأولى"، بأن تتضمن دورياته مستقبلا ما يفيد الانتظام ضمن مرجعية "المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، وبذلك سينفي تهمة "تغول"النيابة العامة. كذلك عليه أن يتجاوز آثار تصريحه في "الأحداث المغربية"، لما قال: "القضاء انتصر للنيابة العامة في أحكام الحسيمة"، بأن يستوعب تمثل المغاربة عن"الغراق". فـ"الغراق"، سواء أحببنا أم كرهنا، فقد أطاح بجهد العهد الجديد في المصالحة، وبالأخص جهد صاحب الأمر في الريف، وأن المغرب رغم تعاقداته الداخلية، لم يتخلص بعد من لعبة الحديث عن "المؤامرة". وأخشى أن تغرينا عقلية المؤامرة فنذهب إلى اعتبار قتل الشهيد محسن فكري، وهو يتزامن مع الإشكالات السياسية المترتبة عن الانتخابات التشريعية، يندرج في هذا الإطار. لذلك نتمى على النيابة العامة أن تعفينا من معجم"المؤامرة"، في قضية مرتبطة بالاحتجاج الاجتماعي، وإلا فالجهات التي سمحت بالارتقاء بهذا الاحتجاج الى مستوى "المؤامرة"، التي تحدثت عنها النيابة العامة، هي شريكة فيها، ويجب محاسبتها. ونتمى أن تتحرر النيابة العامة في تكريس استقلاليتها من شبهة التبعية الأمنية. فمحطة الاستئناف مناسبة لاستدراك ما فات.

2- في سياق الهبة الوطنية الرافضة لقسوة الأحكام،خرج اعزي أحمد الزفزافي، ليدلي بدلوه. كان موفقا إجمالا، لكنه لما يجنح بهذا الاستطراد إلى القول بأن "ناصر الزفزافي الوحيد في المغرب الذي استطاع أن يوحد الشعب المغربي من الشمال إلى الجنوب"، وأن"ما لم يستطع أي حزب أو جمعية أن يفعله، فعله ناصر خلال ستة أشهر"، فإنه لم يكن موفقا. ويظهر رغم دقة المرحلة مازال منشغلا بكتابة "المناقب" لناصر. وأخشى أن يدخل الأب في روع ابنه "وسواس المهدوية". شخصيا ما أحفظه لناصر هو مزية تدخله في تلك الليلة، لما خرج السيدان الوكيل العام والعامل، لمخاطبة المطالبين بمعرفة حقيقة مقتل الشهيد محسن فكري. كان بالإمكان أن يكون هناك شخص آخر. من هنا فهو زعيم بالصدفة، وبكل المخاطر التي تصاحب مثل هذه الزعامة. ما عدا مزية هذه المبادرة، فهو من هواة الهروب إلى الأمام، وقد آن الأوان لوضع حد لذلك. فالحراك ركب على قضية الشهيد محسن فكري، فأنسانا قضيته، وأنسانا أن هناك أبا ينتظر معرفة الحقيقة. وركب الجمهوريون على قضية الحراك فأنسونا مطالبه، وقد تحول إلى حراك جمهوري. من المكابرة القول أن ناصر الزفزافي وحد المغاربة، وننسب له الخوارق في هذا الباب، على حساب وظيفة الوسائط .فمثل هذا الطرح لن نتصور معه أنه سيمارس يوما النقد الذاتي،بل يمكن أن نتصور معه نفس سريان حالة الصراخ في المحكمة أثناء مرحلة الاسئناف. أتمنى على اعزي أحمد أن يكف عن التصريحات، إذا كانت تغريه الاستطرادات غير المدروسة. وعلى ناصر التحلي بقدر كبير من المسؤولية. فليس قدر الريفيين صعود الجبال فقط،بل أيضا النزول منها إذا اقتضت مصلحة أهلنا والوطن ذلك.

3-تشاء أن تتزامن الأحكام على المعتقلين مع خطوات "جمعية تافرا للوفاء والتضامن"، لتثبيت وجودها القانوني. هذه الجمعية بتمثيلها لعائلات المعتقلين بسجن عكاشة وغيره، هي مهمة لتوحيد خطاب ورؤى العائلات لمجمل متطلبات الوضع. واعتقد أنه بإمكان الجمعية أن تفعل ما جاء في الندوة الصحفية لهيأة الدفاع 9 يوليوز 2018 من كون"الدفاع عن معتقلي الريف يجب أن يكون من كل المواقع، ولا بد من حل سياسي يعيد الثقة للدولة"، وذلك بالانخراط في المبادرات المدنية، وتوفير صيف واعد في الريف بدعوة الجميع بالخارج والداخل لزيارة الحسيمة، بما في ذلك دعوة صاحب الأمر، ومباركة مقامه بين الريفيين.

مع ما حصل، هناك متسع من الوقت لمقاربة أخرى لملف الحراك، يمكن أن يجعل من هذه الانتكاسة قوة دافعة لقدرة المغاربة على صنع الفرح الجماعي. وعلى الأستاذ البوشتاوي أن يكف عما يمكن أن يشوش على هذا الأفق وأنا أفترض أنه ندم على اللجوء للخارج، في ظل وضع التشرذم والتخوين هناك. كما على ديموقراطيي الدياسبورا، الالتحاق أيضا بالمبادرات المدنية في الداخل للحل السياسي لملف الحراك. والله الموفق للصواب!