حيمري البشير: حزب العدالة وحركة التوحيد وإمارة المؤمنين

حيمري البشير: حزب العدالة وحركة التوحيد وإمارة المؤمنين

أمير المؤمنين هو لقب أطلقه المسلمون على بعض الشخصيات التي تولت القيادة الإسلامية،وقدكان عمر بن الخطاب أول خليفة لقب بهذا اللقب، ويمكننا القول بأنه عند أهل السنة والجماعة، فهو يطلق على جميع الخلفاء الراشدين (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الخلفاء الأمويين والعباسيين)، وهنا نقول بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أول أمير للمؤمنين، في الدولة الإسلامية.

فإمارة المؤمنين هي قضيّة مهمّة بلا شكّ ذلك أنّ النّاس بلا حاكم يعيشون بدون ضابط أو حكم، كما أنّ اختيار الحاكم هو ضرورة شرعيّة لتحقيق مقاصد الشّرع وحفظ حقوق الناس وإقامة دين الله تعالى في الأرض بتطبيق الحدود والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، لذلك قيل أنّ السّلطان هو ظلّ الله تعالى في الأرض، كما قيل كذلك أنّ سنين مع حاكم ظالم خيرٌ من يومٍ بلا حاكم، فما هو تعريف إمارة المؤمنين ؟ وماهي الكيفيّة التي اختير بها ؟.

تم  اختيار الحاكم في بداية الدولة الإسلامية عن طريق الشّورى بين المسلمين أو باتّباع طرق الاختيار المباشر من الشّعب. أمّا مهام أمير المؤمنين فقد كانت كثيرة وأهمّها تطبيق الشّريعة الإسلاميّة في البلاد ومتابعة إقامة الحدود وأمور الحسبة والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وكذلك تعيين الولاة والقضاة وأمراء الجند وإقامة خطبة الجمعة والصّلاة، وقد بين النّبي عليه الصّلاة والسّلام فضل الإمام العادل وأنّه من الذين يظلّهم الله بظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه. والصّلاة، وقد كان تنصيب  أمير المؤمنين واجب بالكتاب والسنة والإجماع والعقل.

 بالكتاب كقوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ (59 النساء).

بالسنة : بينت السنة وقائع كثيرة أمر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم  من يخلفه؛ إما على المدينة المنورة  أو الحج أو للصلاة  بالناس.

بالإجماع  : أجمع علماء المسلمين على وجوب تنصيب إمام المسلمين.

بالعقل : فدلالة العقل تبين أن مصالح المسلمين لا تستقيم إلاّ بوجود أمير المؤمنين، وذلك لحماية أمة الإسلام ، وتدبير أحوالها، وحفظ حقوقها، بالحكم بما أنزل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، والدعوة إلى الله. وقد قامت إمارة المؤمنين على أساسين كبيرين هما

1 – البيعة : وهي الأسلوب الشرعي في تنصيب أمير المؤمنين وهي الأساس الشرعي الذي تقوم عليه السلطة العليا لتسيير شؤون المسلمين . وتعتبر البيعة من خصائص الحضارة الإسلامية.

2 – أهل الحل والعقد: هم الذين يمثلون الأمة في تنصيب أمير المؤمنين قياما بفرض الكفاية في تقديم البيعة له نيابة عن الأمة بمجموعها، منهم أصحاب السمو الأمراء وعلماء الأمة وكبار رجالات الدولة ونواب الأمة ومستشاريها ورؤساء الأحزاب السياسية وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية. ويترتب عنها عهد وميثاق في دمة الأمة، عليها الوفاء بها، مصداقا لقول النبي " من فارق الجماعة شبرا فمات

ومن المقاصد الشرعية لإمارة المؤمنين.

 - حفظ الدين

ـ حفظ العقل

ـ حقن دماء المسلمين

ـ حفظ الأغراض والأموال وسياسة المسلمين

ومن غاياتها السامية·

توحيد المرجعية الدينية للأمة وحفظ خصوصيتها  وذلك بحفظ  ذاكرة الأمة الدينية وخصوصيتها المذهبية، وصيانة الدين حفاظا على مقصد الاجتماع وتجنب الفرقة والنزاع لقوله تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ ( آل عمران 103).

(نهى الإسلام عن مبايعة خليفتين في زمان واحد لجماعة واحدة ).

وبناءا على ذلك في أية خانة يمكن تصنيف حركة التوحيد والإصلاح التي تخوض في السياسة ؟

وهل يمكن اعتبارها خروجا عن إمارة المؤمنين لأنها تزاوج بين الدين والسياسة ؟

بناءا على كل التفاصيل التي ذكرت هل يمكن اعتبار حزب العدالة والتنمية وحركة الإصلاح والتوحيد ،خروجا عن إمارة المؤمنين، مادام أن  أمير المؤمنين هو الأول والأخير الذي يمكنه أن يزاوج بين الدين والسياسة ؟

أم ندرجهم ضمن علماء الأمة الذين وقعوا في زلة ماكان عليهم حشر أنفسهم في أمور السياسة.

لقد وقعوا في المحظور في مجتمع مسلم ،وخلقوا فتنة كبرى وكأنهم هم المسلمون وبقية القوم من الأحزاب التي خاضت في السياسة غير ذلك ولا علاقة لها بالدِّين، وفازوا في الإنتخابات لأن المغاربة متشبثين بعقيدتهم وبإمارة المؤمنين، الذين دعوا الملك إلى إعلان حالة الإستثناء وإعادة الإنتخابات إلى نقطة الصفر من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي خلقها الحزب الإسلامي والذي لم يستطع الفوز بأغلبية مريحة ليقود البلاد بمفرده، وعجز عن إقناع شركاء آخرين في تدبير شؤون الدولة.

إن ممارسة  السياسة من داخل العباءة الدينية/الدعوية كما حددتها حركة التوحيد والإصلاح، وعدم قدرة هذا التيار اتخاذ المسافة الضرورية والمعقولة ليمارس العمل الحزبي والسياسي من خارج المنطق الدعوي، سيجعل الحزب أكثر من مرة في صدام مع الدولة أو الأحزاب السياسية أو الجمعيات الثقافية والفنية.

لكن ألا يمكن اعتبار نظرة عبد الإله بن كيران الذي نصب نفسه المدافع المستميت عن  الملك. وهذا ما أقر به أحمد الشقيري الديني ــ عضو الأمانة العامة للحزب ــ في مقال له جاء فيه ( حدث شيء من هذا لما تحدث الأستاذ بنكيران عن البيعة وإمارة المؤمنين أواخر الثمانينات، فأحدث بذلك رجّة قوية في صفوف الإخوان الذين ما كانوا يتصورون أن مثل هذا اللقب يصلح لغير أمثال عمر بن الخطاب و عمر بن عبد العزيز، مما جرّ عليه وعلى رفيقه في النضال عبد الله رحمه الله بها متاعب لا تحصى،حتى أن البعض لقبه يومها ب”مسيلمة الكذاب

بل يذهب الأستاذ الشقيري إلى إضفاء “العصمة” على الأستاذ بنكيران لما جعل كل أعضاء الحزب والحركة من قبل يتبنون قناعة بنكيران كالتالي (  لكن مع مرور الزمن أدرك الجميع أن الحق كان مع بنكيران، لأن “إمارة المؤمنين” مؤسسة تتيح للشعب مساءلة كل من يجرؤ على التعدي على حدود الله، فينشر الفساد باسم الحريات الفردية.

ومن هذا المنطلق تمّت مواجهة الدعوات التي رفعت لجعل القوانين الدولية تعلو على الشريعة الإسلامية، وحادت بالدولة المغربية عن نهج طريق العلمانية المتطرفة، كما سمحت بتنظيم حملات ضد تقريب الخمر من المواطنين، وحملات ضد المجاهرة بالشذوذ، وحملات ضد إشاعة الفاحشة ونشر الدعارة والمخدرات، واستهداف القيم تحت غطاء المهرجانات،وحملات ضد المجاهرين بالأكل في رمضان.).

إن موقف بنكيران لم يكن ليرضي كل أعضاء الحزب، خصوصا لما أدرك بعضهم، وإن متأخرا، الأهداف التي ظل الأستاذ بنكيران متشبثا بها، وقد كشفها السيد محمد حامي الدين في مقالة يرد فيها على مديح الشقيري لبنكيران، جاء فيها ( فقد جعل الأستاذ بنكيران البيعة على عهد الجماعة الإسلامية بيعة مطلقة، وجعلتها حركة التوحيد والإصلاح بيعة شرعية مقيدة بالكتاب والسنة. وقد جعل الأستاذ بنكيران إمارة المؤمنين رافعة لمواجهة اليسار “أعداء الملك” بشكل آلي ).

هل يمكن أن تقبل الأحزاب السياسية العلمانية منطق عبد الإله بن كيران الذي اعتبر اليسار في زمن مضى أحزاب تكن عداءا للملكية ولإمارة المؤمنين ؟

سؤال يجعلنا نعتبر الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الإنتخابات التي جرت في شهر أكتوبر والمعين من طرف الملك لتشكيل الحكومة  والباحث عن توافق يمكنه من تشكيل حكومة غير متجانسة وتتعارض مع موقفه المعلن سابقا والذي اعتبر فيه اليسار عدوا للملك، قد وجد نفسه في ورطة، بين تيارين أصبحا مع مرور الوقت يفقدان الثقة في أحقيته في تشكيل الحكومة رغم أنه هو الذي يقود الحزب الفائز لاعتبارين ماكان عليه أن يبحث عن تحالف وسط اليسار وثانيا، كان عليه أن يتحكم في تصريحاته اتجاه الأحزاب المتحالفة معه في الحكومة السابقة.