ياسين، رئيسة أمنيستي: حكومة العثماني تعتمد سياسة التخويف لتكميم أفواه نشطاء الحراك الاجتماعي بالمغرب

ياسين، رئيسة أمنيستي: حكومة العثماني تعتمد سياسة التخويف لتكميم أفواه نشطاء الحراك الاجتماعي بالمغرب سعد الدين العثماني، وفاطمة الزهراء ياسين
في الجزء الثاني من الحوار الذي خصت به فاطمة الزهراء ياسين "، جريدة "أنفاس بريس"، فورانتخابها رئيسة لأمنيستي، فرع المغرب، نقدم للرأي العام قرائتها للوضع الحقوقي ببلادنا على هامش الانشغال بتداعيات الحراك الاجتماعي والأحكام التي صدرت في حق نشطاء الحسيمة.
لقد تحققت خطوات هامة في مجال حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة بالمغرب، بدءا بإقرار السلطات بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لسنوات الرصاص وتأسيس "هيئة الإنصاف والمصالحة" إلى دستور 2011 الذي أكد المرجعية الكونية لحقوق الإنسان. إلا أننا نشهد الآن تراجعا كبيرا على مستوى تفعيل هذه المكتسبات وتوسيعها. إذ أن انتهاكات حقوق الإنسان تعود بقوة وتتنامى بالموازاة مع ذلك عدم المساواة والتمييز والفساد والاستخفاف بالمواطنين والتعامل مع مطالبهم المشروعة باحتقار.
فالحكومة تضرب بمعايير حقوق الإنسان عرض الحائط وتثير الشكوك حول شرعية ما يقوم به نشطاء المجتمع المدني والمدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان، وتجرم حرية التعبير والاحتجاج السلمي. وتختبئ وراء ذريعة حماية الأمن الداخلي لإضفاء الشرعية على قمعها للمعارضة المدنية والسياسية، وتقاعسها عن معالجة المظالم الاجتماعية التي يعاني منها المواطنون والمواطنات.
فالمتظاهرون السلميون الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية والحقوق السياسية يسجنون وتوجه لهم تهم جنائية ملفـّـقة كالمس بأمن الدولة والإرهاب وكثيراً ما يدانون بأحكام قاسية إثر محاكمات جائرة. ولعل خير دليل على ذلك، الأحكام القاسية التي صدرت في حق شباب حراك الريف وقائدهم ناصر الزفزافي، لا لشيء إلا أنهم كان لهم السبق في قرع أجراس الإنذار، وتنبيهنا إلى أن نموذجنا التنموي قد انتهى إلى الفشل، وقدموا لنا حالة الحسيمة كمثال حيث التهميش وانعدام المرافق الأساسية في الصحة والتعليم، وتفشي البطالة في أوساط الشباب، وغياب العدالة الاجتماعية. كما تبين من خلال المحاكمات الأخيرة أن السلطات لا تحقق على نحو وافٍ في أنباء التعذيب أثناء الاحتجاز وتستخدم مواد في القانون الجنائي التي تتعلق بالسب والقذف والتحريض على التظاهر أو على العصيان من أجل محاكمة وسجن الصحفيين والمدوّنين والنشطاء الذين ينتقدون المسؤولين أو ينشرون أنباء عن انتهاكات حقوق الإنسان أو الفساد أو عن الاحتجاجات الشعبية السلمية.
إن التحديات الحقيقية مازالت قائمة، وأن الحكومة بدل أن تبحث في معالجة الأسباب الكامنة وراء الغضب الشعبي، فإنها تلجأ إلى تكميم الأفواه والتخويف وخرق الحقوق الدستورية، فضلا عن أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما زالت تقابل بالتجاهل في الواقع، مع استمرار مناخ تفشي الانتهاكات وانعدام المساءلة والإفلات من العقاب. إن المغرب يحتاج إلى فتح طريق آخر برؤية بديلة تستند إلى الفكرة الأساسية المتمثلة في المساواة والكرامة لكل المواطنين بدون تمييز.